التعديل الوزاري .. هل هو موضع الاهتمام الشعبي ؟
24-02-2009 03:33 AM
لعل الاردن هو الدولة رقم واحد في العالم ، من حيث التغييرات او التعديلات الوزارية ، ولو كان هناك في موسوعة دينيس ما يشير لهذا الموضوع ، فان من المؤكد ان يكون الاردن في رأس القائمة .
التغيير هو من سنن الحياة ، ومن ذلك تغير الوزراء ، ويتم في كل دول العالم على اسس واضحة ، بعد انتخابات برلمانية ، او بعد سحب ثقة البرلمان في الوزارة ، او بروز تقصير واضح من احد الوزراء في اداء مهامه ، او بعد أي حدث جسيم ناتج عن فشل سياسة معينة .
لقد اشغلت المواقع الاخبارية الالكترونية ، نفسها خلال الايام الماضية ، بانباء التعديلات الوزارية ، وكأن هذا الحدث هو الهم الرئيسي للشعب الاردني ، واذا كان لهذا الحدث من ايجابيات ، فهو في الشفافية التي رافقته ، وسمحت بتسرب معلومات عنه ، واعطت للمواقع الاخبارية الالكترونية مصداقية عالية ، لكن هذا الاهتمام الاعلامي من تلك المواقع ، لم يقابله اهتمام شعبي مماثل ، اللهم الا من المعنيين في التعديل واقاربهم واصدقائهم ، او ممن يرتبطون باهتمامات بوزارات معينة ، قد تتغير سياستها في مجال ما مع تغير الوزير .
هذه اللامبالاة لم تأتي من عدم اهتمام الشعب الاردني بحكومة بلاده ، او من عدم الاهتمام بمن يشغل المناصب الوزارية ، بل من كثرة التغييرات والتعديلات الوزارية ، ونتيجة عدم بروز اي جديد مع كل تغيير او تعديل ، بحيث يمكن للمواطن ان يقول ، ان الحكومة الفلانية تميزت بكذا وكذا ، فهي تأتي وتتعدل ثم تذهب ، دون جديد مختلف ، ولا يعرف المواطن ، لماذا استبدل الوزير الفلاني ، وما هو اوجه الخلل بادائه ، كما ان المعتقد السائد ، ان هذه التغييرات تأتي فقط لارضاء البعض بالمناصب ، او نقل الراية الوزارية من بعض الاباء الوزراء الى ابنائهم الوزراء الجدد .
لعل السبب الاهم الذي يدعو الشعب الاردني لعدم الاهتمام بهذه التغييرات والتعديلات ، هو ان السياسة الاردنية ثابته وواضحة ومعروفة للجميع ، فهي لا تتغير مع تغير الوزارة ، فالوزارة لا تتشكل من اغلبية برلمانية ، او تحالف برلماني ، بل بتكليف من جلالة الملك ، الذي هو رأس السلطات الثلاث ، وهو موضع ثقة الجميع ، وهذه الثقة لم تأتي من فراغ ، بل من تجربة مستمرة منذ عقود طويلة ، اكتسبت فيها القيادة الهاشمية ، اضافة للشرعية الدينية ، شرعية المحبة ، محبة الاردنيين لقياداتهم الهاشمية المتتالية ، والتي كانت على الدوام موضع فخر الاردنيين وولائهم ، وموضع احترام العالم المتمدن ، ولما تتمتع به هذه القيادة من العقلانية ، واحترامها للانسان ، بما يمكن ان يجعلنا نطلق عليها صفة القيادة الانسانية . ففي الوقت الذي تداس فيه كرامة المواطن في الكثير الكثير من دول العالم الثالث ، وتمارس ديكتاتورية الحاكم بابشع صورها ، وتملأ السجون بالمعتقلين السياسيين ، ويعيش الناس الفقر المدقع ، وتقطع السنة كل من يفتح فمه بكلمة نقد ، يعيش الاردنيون حياة الحرية والكرامة ، مرفوعي الرأس دوما ، يحمدون الله انهم يعيشون في الاردن ، مطمئنين الى مسقبل اجيالهم القادمة ، في ظل مدرسة القيادة الهاشمية ، التي لا تخرج الا عظام القادة .
التكليف يتم في الاردن وفق البرنامج الهاشمي ، هذا البرنامج الواضح والثابت ، الذي قاد الاردن دوما في بحر متلاطم الامواج ، الى شواطيء الأمان ، برنامج عناوينه الرئيسية ، بناء الاردن والانسان الاردني ، وتحقيق كل طموحاته ، والعمل على توفير العيش الكريم له ، والحفاظ على كرامة المواطن الاردني ، وحقوقه الانسانية ، وبناء الاردن الحديث المتقدم ، وتعميق انتمائه لامته العربية ، والمساهمة في تبني قضاياها العادلة ، والانفتاح على العالم ، وبناء اواصر الصداقة والاحترام مع كل الدول والشعوب .
يعلم الجميع ، ان في الاردن اكثر من ثلاثة وعشرين حزبا ، بين يسارية وقومية واسلامية ووسطية ، لم يستطع أي منها ، رغم مرور عشرين عاما من الديمقراطية ، ورغم التشجيع والمناشدة الحكومية للشعب ، كي ينخرط بالعمل الحزبي ، رغم ذلك ، لم تستطع أي من هذه الاحزاب ، ان يصل الى الشعبية التي وصل لها ، حزب غير معلن ، لا يعلمه عنه الكثيرون خارج الاردن ، انه حزب الهاشميين ، الذين يقودون الاردن منذ عشرات السنين ، الى مصاف الدول المتقدمة ، وهو الحزب الاكثر تقدمية في الاردن .
m_nasrawin@yahoo.com