-1-
الرجل الذي لحق بقدميه!
فقدهما في عدوان 2008، على غزة، فلم يطق فراقهما، فلحق بهما، وقد استشهدا قبله!
من الثرى إلى الثريا..
إبراهيم أبو ثريا، هذا الشهيد المقعد ...
هو فقط من يمثلني وسط هذا المشهد المعقد!
وحده من يستحق اليوم أن يكتبنا، لا أن نكتب عنه، فهو فيما فعل، وما لم يفعل يختزل في موته وحياته، كل رمزيات المواجهة بين شعب أعزل واحتلال مدجج بكل ما وجد على هذه الأرض من حقد وسواد، قبل سلاح وبطش!
-2-
سلام عليك يا إبراهيم، فقد استشهدت مرتين، بل مرات عدة، ولم ينل كثير منا غير تناول عقاقير الهضم بعد أن يملأوا كروشهم بالطعام!
في العام 2008 فقدت قدميك، جراء عدوان القتلة على غزة، فسبقاك إلى الجنة، شهيدتين، ولم تطق المكوث بعدهما فلحقت بهما، وقد تحايلت على القتلة، و»لاعبتهم» وأنت تقفز من تلة إلى منحدر حاملا علم فلسطين، وكأنك تستعجل الارتفاع من القرى إلى الثريا، فلم يطل انتظارك، فارتقيت شهيدا، مقيما الحجة على كل صاحب قدمين، لا يتقن غير التولي يوم الزحف!
-3-
في العام 2012 تمنى إبراهيم أن يحصل على كرسي كهربائي، بعد أن استشهدت ساقاه، فأكرمه الله بما هو اثمن، فقد حملته أجنحة الملائكة، وطارت به إلى ذرى الشهادة، بعد أن تغبر ما بقي من جسده بالثرى، وهو يتنقل محاولا الوصول إلى الجزء المحتل من بلده، ولم يستطع أن يقاوم كل عناصر الجذب والشوق إلى ذلك الجزء، فاقترب إلى السياج الفاصل، وحاول أن يزرع علم فلسطين عليه، وهو منظر لا يطيق رؤيته القتلة، فأودعوا رصاصهم الحاقد في رأسه، ليلتحق الجسد الراعف بعشق فلسطين بما سبقه من جسده!
-4-
إبراهيم، الشهيد ابن الشهيد، قال شقيقه سمير عنه إن «ابراهيم كان شجاعا. أصيب في 2008 بقصف مروحي إسرائيلي استهدفه بعد أن أنزل العلم الإسرائيلي ورفع مكانه العلم الفلسطيني على الحدود، لم يمنعه ذلك من التظاهر من أجل القدس، كان يذهب لوحده يوميا الى الحدود، قبل استشهاده ظهر إبراهيم يوم الجمعة وهو يزحف ويرفع علامة النصر مباشرة أمام السياج الفاصل على مرأى من جنود الاحتلال، وهو يقول بينما كان يلتف حوله شبان آخرون وهو يلوح بالعلم الفلسطيني «أريد ان أذهب إلى هناك» في إشارة إلى الجانب الآخر المحتل من أرضه.. وفي فيديو آخر، يظهر إبراهيم وهو يزحف قبل أيام باتجاه الحدود ويجيب على أحدهم عن سبب مجيئه «هذه الأرض أرضنا، لن نستسلم، أمريكا لازم تسحب قرارها». في فيديو آخر يظهر وهو يلوح بيديه للجنود القتلة في الموقع المحصن ويشير إلى ساقيه المبتورتين ثم يتقدم نحوهم خطوات أخرى. شقيقه سمير قال إن «إبراهيم كان صديق الشهيد ياسر سكر، وقد استشهدا معا اليوم»!!
إبراهيم، زحف على ما بقي من جسده، حاملا علم فلسطين، ليزرعه على السياج الذي يفصل وطنه عن وطنه، وكم بين الزحفين من فرق، زحف إبراهيم وزحف من يزحفون على بطونهم كالديدان، لتلطيخ هذا العلم بالعار، فرق كبير بين زاحف وزاحف، زحف إلى العلا والكرامة، وزحف نحو الخذلان والعار!
الدستور