اضاءات على المقال الذي نشره موقع ميدل ايست آي ومناقشه له
اللواء المتقاعد مروان العمد
16-12-2017 12:44 PM
بألقاء نظره على هذه المقاله يتبين انها تتضمن المحاور التاليه
١ - اشارت المقاله في مقدمتها الى ما حدث في عام ١٩٦٩ عندما اندلع حريق في المسجد الأقصى التهم منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي والجناح الشرقي للمصلى والحق به أضرار جسيمه وذلك في هجوم شنه مايكل روهين المسيحي الأنجيلي القادم من استراليا ، والذي وعلى اثره تداعت عدد من الدول الاسلاميه لعقد مؤتمر في مدينه الرباط المغربيه وبلغ عددها اربعه وعشرين دوله حيث أنشأوا منظمه التعاون الاسلامي والتي أصبحت الآن يبلغ أعضائها ٥٧ دوله . وان هذه ألمنظمه عقدت اجتماعاً لها بالتاريخ المذكور اعلاه لمناقشه قرار الرئيس دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمه لدوله اسرائيل ونقل السفاره الامريكيه اليها لأرضاء المسيحيين الذين يعتنقون نفس أفكار روهين .
٢- حقق المؤتمر قراراً تاريخياً وهو الاعتراف بالقدس عاصمه لدوله فلسطين وتم وضع القضيه الفلسطينيه مجدداً في قلب العالم الاسلامي بعد ان غاب الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بسبب احداث الربيع العربي والارهاب.
٣ - ان هذه القمه همشت المؤتمر الذي عقده ولي العهد السعودي بحضور ترامب في أيار الماضي بالرياض مما اصاب السعوديين بالذعر حسب تعبيره من هذا المؤتمر وإرسالهم وزيراً للشؤون الاسلاميه لتمثيلهم فيه ومنعهم محطاتهم الفضائيه من تغطيته بشكل كامل .
٤- القمه لفتت الأنظار الى رفض اثنين من القاده العرب المؤيدين للغرب هما الاْردن وفلسطين لموقف حلفائهما المعتادين في واشنطن . و ادعى كاتب المقال ان مصر دعت كل من جلاله الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني لعقد قمه ثلاثيه في القاهره تسبق المؤتمر الاسلامي ، وان الملك عبدالله لم يذهب فيما ذهب الرئيس محمود عباس حيث مورست عليه ضغوطات بعدم ترأسه وفد بلاده وتوفير غطاء له بأصابته بجلطه دماغيه الا انه رفض ذلك وشارك في المؤتمر . وان السعوديه وعندما قام جلاله الملك عبدالله بزيارتها عشيه المؤتمر مارست عليه نفس الدور الا انه رفض وتوجه منها الى تركيا . وينسب كاتب المقال ذلك الى ان السعوديه ومصر رأيا في موقف جلاله الملك والرئيس عباس ابتعاداً عن محور السعوديه ومصر والبحرين والامارات والولايات المتحده الامريكيه وربما اسرائيل في مواجه الخطر الايراني واقترابهما من المحور الثاني الذي تقوده تركيا حالياً وخاصه لقيام جلاله الملك بزياره لتركيا اثر اعلان ترامب لبيانه وتنسق جهودهما في مواجه هذا البيان . حيث ألقى جلالته كلمه في المؤتمر أكد فيها ان القدس خط احمر وان الحرم الشريف ينتمي للأبد للمسلمين . فيما ألقى عباس خطاباً اتهم فيه أميركا بأفساد الجهد لأقامه حل الدولتين وانه سوف يقدم شكوى بحقها لدى مجلس الأمن .
٥ - يقر الكاتب ان الملك عبدالله وعباس ليسا من حلفاء اردوغان التقليدين ، ويحاول هنا ان يفسر موقفهما الجديد الذي يمكن ان يغير خارطه التحالفات في المنطقه بأن ذلك يرجع الى احساسهما بمقدار الغضب لدى شعبيهما من هذا القرار الذي يرقى لمستوى الخيانه السياسيه وخيانه لاتفاق الشرف الشفهي ما بين عباس والاداره الامريكيه بعدم السعي الى أقامه دوله مستقله او الانضمام الى المنظمات الدوليه قبل توقيع اتفاق سلام دائم الا ان واشنطن أخلت بوعدها هذا . وخيانه للموقف الأردني ومخالفه هذا الإجراء لمعاهدات السلام و اتفاقيه وادي عربه التي نصت على الرعايه الهاشميه على الأماكن المقدسه في القدس ولكل الاتفاقات والقرارات الدوليه بهذا الخصوص . وان الزعيمان بوقوفهما هذا الموقف وكأنهما يوجهان رسأله الى السعوديه واميركا بأنكما غير مخولين بالتفاوض مع اسرائيل دون الرجوع إلينا .
٥ - يشير الكاتب بعد ذلك الى الإشراف الهاشمي على الأماكن المقدسه في مكه والمدينة والقدس عام ١٩٢٤ قبل ان تقع المدينه ومكه تحت سيطرة آلِ سعود . وان الهاشميون لم يبقى لهم الا الاْردن والوصايه على الأماكن المقدسه بالقدس وان الملك يرى في القرار الأميركي خيانه للأسره الهاشميه ولدورها وخاصه لأعتبار ترامب ان قراره بشأن القدس هو اقرار بالامر الواقع .
٦ - يقول المقال ان قرار الملك عبدالله بالمشاركه الفعاله بالمؤتمر ستكون له تبعاته وتسائل فيما اذا كان ذلك هو خياراً آخراً مع الطرف الخاسر . ولكنه يعود ويقول ان الاْردن كان قد سبق له وان وقف مع الجانب الخاسر وهو يعلم انه خاسر مثل ماحصل في عام ١٩٦٧ و عام ١٩٧٣وخلال حرب الخليج الثانيه عام ١٩٩١ ولكنه بمواقفه هذه تجنب خساره كانت ستكون اكبر لو وقف مع الجانب الآخر .
وانهى الكاتب مقالته بأن الملك عبدالله الثاني والرئيس محمود عباس استحقا مكانهما كزعيمين عربيين .
هذه اهم المحاور التي تضمنتها المقاله اوردتها حتى أتمكن من مناقشتها ومقارنتها بالواقع . وبدايه أودّ ان أقول انني لا آخذ جميع ما ورد فيها كأمور مسلماً بصحتها وخاصه ان هذا الموقع له مواقف مسبقه من الصراعات التي تدور في المنطقه وانه موقع بأشراف قطيري ويمثل وجهه نظرها ولكن ذلك لا ينفي ان المقاله تضمنت العديد من الحقائق وان كان الهدف منها تطويعها لتوجيه اتهامات معينه لبعض الاطراف . وبدايه انا اتفق مع ما ورد بالمقال من ضعف التمثيل به على مستوى الزعماء بالرغم من اهميه الحدث ولكن قد يكون لبعض الدول وخاصه مصر والسعوديه مبرراتها لهذا التمثيل المنخفض . فجميعنا يعرف موقف اردوغان وتركيا من النظام المصري الحالي ودعمها لجماعه الاخوان المسلمين والقاء كل ثقلها وإمكانياتها بهذا الاتجاه والتأكيد ان ما حصل انقلاباً غير مشروع وتكرار تهجم اردوغان على النظام المصري بكل مناسبه وبلا مناسبه . حتى انني اعتقد انهم ما كانوا ليرحبوا بحضور السيسي الى اسطنبول وما يتبع ذلك من أجراءات برتوكوليه من خلال استقبال اردوغان له ومصافحته والتقاط الصور معه ، كما اعتقد انه سيكون من الصعب على السيسي ان يذهب الى اسطمبول بعد كل ماجرى بينهما ، بالرغم من ان المناسبه كانت تتطلب من الطرفين تجاوز هذا الامر لجلال واهميه الغايه التي يعقد المؤتمر من اجلها . و كان يفترض بمصر ان يكون تمثيلها على مستوى رئيس الوزراء على الاقل وليس وزير الخارجيه . أما ان يصل العداء بينهما الى ان تقوم مصر بمحاولة اضعاف المؤتمر أو إفشاله من خلال محاوله اقناع اهم عنصر فيه وهو رئيس للسلطه الفلسطينيه بعدم حضوره ، فهذا امر مثار شك ولا اجزم به ، وليس لدي اثبات عليه سوى ما ورد فيه ان مصدره شخصيه طلبت عدم ذكر اسمها .
اما بالنسبه للمملكة ألعربيه السعوديه فأنه قد يكون لها مبرراتها بعدم تمثيلها بوفد رفيع المستوى وذلك بعد الطلاق الذي حصل بينها وبين حليفها السابق اردوغان في الشأن السوري عندما اختار اردوغان ان ينقلب ويتصالح ويتفق وينسق مواقفه مع الجانب الروسي والجانب الإيراني العدو الاول للسعوديه وان يفرض نفسه لاعباً رئيسياً للأحداث في سوريه متجاهلاً اَي دور للسعوديه فيها بعد ما قدمته من مساعده ومسانده لقوى المعارضه السوريه . وبعد الانحياز التركي الواضح الى جوار قطر في النزاع الخليجي وأرسلها عشرات الآلاف من جيشها الى قطر . ولكن نعود ونقول ان جلال مناسبه انعقاد المؤتمر واهميتها كان يتطلب منها تجاوز هذه الخلافات اوتأجيلها ويتطلب منها وجوداً فاعلاً فيه كونها حاميه حمي الحرمين وأنها أصبحت تتولى قياده المكون السني . وان هذا التمثيل وان لم يكن على مستوى خادم الحرمين فعلى الأقل ولي عهده لا ان يحضر هذا المؤتمر وزير الدوله للشؤون الدينيه ممثلاً لبلاده . اما عما قاله كاتب المقال عن ان السعوديه حاولت إقناع جلاله الملك عبدالله الثاني بعدم ترأس وفد بلاده للمؤتمر فأنني لا أستطيع ان أجزم بذلك ايضاً وليس لدي معلومات عنه سوى ما ورد بهذه المقاله . ولكن الامر الذي لا يمكن انكاره فقد اصبح هم السعوديه الاول هو مواجه ايران والمد الشيعي الذي يهدد حدودها الجنوبيه ويهدد أمنها واستقرارها الامر الذي جعلها تعتبر حمايه شعبها وحدودها هو همها الأكبر والاول . وجعلها لا تستطيع القيام بأي تصرف او موقف من شأنه ان يثير حفيظة الحليف الأمريكى هذا الحليف الذي وبعد مع ما عمله في الدول ألعربيه من اعمال تمزيق وتفريق وتمويله وتشجيعه للاقتتال الداخلي فيها بحجه إسقاط انظمه الحكم الديكتاتوريه بالرغم من انها كانت حليفه له ، واقامه انظمه ديمقراطيه بديلاً عنها الامر الذي لم يتحقق في اَي دوله من الدول التي شملها الربيع العربي ، فقد ساعد هذا الحليف سواء بطريقه مباشره او غير مباشره بتمكين النفوذ الإيراني في المنطقه والتي أصبحت تسيطر على اكثر من عاصمه عربيه واصبحت ايران الفزاعة التي تخيف بها باقي الدول العربيه ولتحتل مركز الصداره بالعداء مكان الدوله الصيهونيه ولتُعقد التحالفات في المنطقه مع او ضد ايران مما زاد من مستوى الخلاف والانقسام العربي والذي مكن دونلد ترامب من استغلال الوقت المناسب بأعلان بيانه المشؤوم وهو يدرك انه لن توجد قوه عربيه تستطيع التصدي له او مواجهاته لابل لا تستطيع حتى مجرد إغضابه .
في ظل هذه الظروف انعقد المؤتمر الاسلامي الذي اقتصر عدد الزعماء الذين حضروه على سته عشر واما بقيه الدول الاسلاميه فقد تم تمثيلها بمستويات اقل وبلغت الى مستوى نائب وزير الخارجيه في دوله الامارات العربيه ، مما كان له انعكاسات على قرارات المؤتمر والذي لم يلوح بأي أجراء عقابي بأتجاه أميركا لأرغامها على التراجع عن قرارها اما لأن اعضائه لايريدون ذلك او لأنهم لا يقدرون عليه .
وبغض النظر عن تقيمنا للمقال ومدى اقترابه من الحقيقه او ابتعاده عنها وفيما اذا كان يدس السم بالدسم فما لا شك فيه ان المنطقه ستبقى تغلي على صفيح ساخن وسوف تتساقط الكثير من أوراق التوت وسوف يظهر ما كان تحتها وهو من المؤكد لن يسر الا عدو .