الشهيد حمدان الزيود أشعل سراج قلبه ليضيء دروب صحبه
د. محمد عبدالكريم الزيود
15-12-2017 08:27 PM
خرج الشهيد الشرطي حمدان مفلح علي الزيود ولم يودع عائلته في " أم بطيمة " ، في تلك القرية الغافية ما بين مغاريب المفرق ومشاريق جرش ، ككل قرانا الأردنية التي يسكنها الطيب والزيتون والبهاء، والفقيرة من كل شيء إلا من الطيب والشهامة ، وكان أيلول حيث الجرح والوجع في الكف ، في تلك الأيام كان صوت الوطن هو الأعلى وهو ينادي ، لا يعتليه إلا صوت الله أكبر .
أستشهد حمدان وهو الشرطي في قوات البادية الملكية ، حيث الفروسية والطيب والشجاعة ، وحيث الشماغ والهدب ، وحيث الانتماء للوطن ولا هوية تسكن القلب سواه ، بتاريخ ١٠-٩-١٩٧٠ حيث كان واجب مفرزته في منطقة سيل الزرقاء قرب مشتل فيصل حاليا، يكمنون في الأحراش في نقطة قطع الطريق .. تم الإحاطة بهم من جميع الاتجاهات من قبل العدو فقرر مسؤول النقطة إخلائها، لكن يجب أن يبقى أحدهم لتغطية انسحاب البقيّة لإعادة التموضع ، تقدم حمدان لهذه المهمة متبرعا عن صحبه واستطاع إنقاذ باقي المفرزة، ظل حمدان يرمي ويشاغل بسلاحه حتى نفذت ذخيرته ، واستشهد فداء لزملائه ضاربا مثلا عاليا في الشجاعة والفداء ، وأكاد أن حبيب الزيودي كان يقصده مع حمدان الهواري عندما قال:
"حمدان دبّ الحيا في العود فابتسمت يعد المحول دموع العارض الهطل
كأنما هطلتْ يوم الوداع على وجه الشهيد قطوف الطير بالقُبل ".
بعد أسبوعين يسقط شقيق حمدان شهيدا في عمان ، ترتقي روح الجندي حسن أحد أبطال كتيبة طارق بن زياد إلى السماء، فيضيق الأفق وتتعانق روح حمدان وحسن مع بقية أرواح العسكر الذين حموا شوارع عمان وكسروا المؤامرة ليظل الوطن زاهيا وشوكة في حلوق الطامعين.
لم ينتظر حمدان أو شقيقه راتبا تقاعديا عندما قدما دمائهم ، لم يدر في حسابات حمدان عندما تقدّم أن يفتدي بروحه صحبه كم سيبقى لأبنائه، فيأتي قرار لجنة التقاعد تكريما له بعد سنة من استشهاده بصرف راتب تقاعدي قيمته "ستة دنانير" ....!!
ما عند الله لك يا "حمدان" أكثر بكثير ، والشهداء أكرم من كل الدنيا ، وما عند الله خير وأبقى ، نحن الزاهدون بكم فسلام عليك وعلى شقيقك "حسن "، والسلام على أبناء القبائل والقرى الفقيرة المنسية ، والسلام على وطن رغم نكرانه لنا دوما ، إن نادى المنادي لم يجد غير دمائنا زيتا لسراجه ...!!