هل يترجم لبنان القول إلى فعل؟
د. عدنان سعد الزعبي
14-12-2017 03:35 PM
دعونا نرفع القبعة عاليا للموقف اللبناني الذي ينتمي للعروبة وللقدس، دعونا نقول إن خطوة فتح سفارة لبنانية في القدس الشرقية ترجمة عملية للموقف الوطني العربي الذي يترجم الأقوال إلى أفعال. فالدول ليس بمالها ولا بأعدادها بل بمواقفها وجرأتها وشجاعتها في اتخاذ المواقف وتنفيذها .فرغم أن لبنان تأن بجراحها إلا أن ذلك لم يمنعها ولم يحيدها لأن تلبي نداء العروبة والوطن وترفع من سقف جهودها ، رغم أن أحدا لم ولن يؤاخذها على الصمت والترقب كما تفعل الكثير من دول العرب والمسلمين القادرة والفاعلة .
اللبنانيون يريدون ان يحركوا الماء الراكدة وأن يسمعونا طنا لا جعجعة ، فوزير خارجية لبنان وفي مؤتمر الجامعة العربية طرح مجموعة من الإجراءات العملية ، كان بإمكانها أن ترفع من سويتنا وتجعلنا أمام العالم شعوبا حية ، ودول متماسكة .
دعونا نقول لجبان باسيل إن فتح سفارة لبنانية في القدس الشرقية خطوة رائدة وعملية ، ترد على قرار ترامب بنقل سفارته إلى القدس، وهذا مدعاة لبقية الدول العربية والإسلامية جميعها أن تتقدم من فلسطين بطلب إنشاء سفارة لها في القدس الشرقية . فنحن نعلم بأن الشرعية الدولية قد ارجأت اجراء أي تغيير على واقع القدس حتى يتم بحثها في المفاوضات النهائية لعملة السلام ، إلا أن مثل هذا الأجراء من شأنه تحميل المجتمع الدولي ومجلس الأمن والامم المتحدة بجمعيتها العمومية ومؤسساتها المختلفة لمسؤولياتها والضغط على أمريكا وإسرائيل إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية التي يعاني منها كل العالم ، وعلى أسس الشرعية الدولية وتوافق المجتمع الدولي.
ردة الفعل العربية والإسلامية والمسيحية يجب أن لا تتوقف عند عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب ولا قمة العالم الإسلامي ولا المظاهرات والاحتجاجات ، بل لا بد وأن يتبعها الدعوة لقمة عربية وتحضير برنامج عملي واضح يقوم على إحداث هزة سياسية عالمية تجبر دول أروبا والصين على التحرك لإيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية ، فالمصالح في مثل هذه الأوقات تلعب دورا أساسيا في سياسات الدول وتوجهاتها ، ولطالما تحملنا النار والحرق من أمريكيا وجاء اليوم لنرفع صوتنا ونقول كعرب مصالحكم عندنا وهي أكثر مما هي لنا عندكم، فكل واحدة بواحدة؟؟!!!
الهزة المطلوبة ، يجب أن يكون لدول العالم الإسلامي دور كبير ، فعلى إيران أن تثبت حسن نواياها تجاه جيرانها ومشاركتهم التوجه نحو فلسطين وتخليصها من براثن الصهاينة ، فإذا نجحت أمريكيا برسم المناخ الملائم لإيقاع الخلاف وتزيين الصورة لإيران بأن دربها مفروش بالورود ، فإن على إيران أن تدرك ماذا فعلت أمريكيا بالعراق وماذا كان مصيرها . وعليها أن تدرك بأن أمريكيا لن تغامر بدول النفط الخليجية وكذلك لن تخرج عن مطالب اليهود التي تعتبر إيران الخطر الأكبر عليها. وكيف لا ونحن نعرف أن الخطوة القادمة نحو تغير الشرق الأوسط بالمخطط الأمريكي هو إيران ؟! فإيران هي المحطة القادمة خاصة وأن أمريكيا لا تسمح بنمو قوة إقليمية يمكن أن تؤثر على حلم إسرائيل بالسيطرة على المنطقة، فنحن جميعا سنؤكل كما أكل الثور الابيض والأحمر والأزرق، والاسود وغيرها وغيرها ؟؟؟.
فما هو الذي يعيقنا من إعادة تحديد الأولويات والتصالح من أجل مصالحنا جميعا ، خاصة وأن عوامل مشتركة كثيرة تجمع الأمتين العربية والإسلامية . والعالم باسره يدرك مدى توافق العرب والمسلمين وتمتعهم بالقوة والقدرة التي يستطيعون فيها أن يحققوا آمال وطموحات شعوبهم على مدى مئات السنين؟؟
وعلى الخليج العربي أن يعرف كذلك أن الخطر الإيراني لن يكون أكبر من الخطر الامريكي ، فالمصلحة الإيرانية الآن تقتضي مد يدها لدول المنطقة والتصالح والحوار نحو كل نقاط الخلاف ؟ فجميعنا يلاحظ أنه أجهز على محور المقاومة (سوريا، والعراق، وليبيا ، واليمن ) وحيدت مصر كدولة عربية كبرى وأشغلت بمصائبها الداخلية ، وورطوا لسعودية والإمارات والكويت والبحرين بقضية قطر ومشكلة اليمن ، ليستنزفوا ما لديهم من (قروش) ويسرقوا ما تبقى بعقد صفقات الأسلحة بعد أن رسموا طريق الاستنزاف باختلاق وتعزيز الدور التوسعي الثوري لإيران ، وخلق دور لها في سوريا والعراق يعزز صورة التوسع الفارسي الذي مهدت له أمريكيا وجعلته (البعبع ) الذي يخيفون به دول الخليج .
أما الأردن ولبنان فأمرهم سهل، حيث أمطروهم بالتحديات والمعاناة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ساهمت بتأخير نمو البلدين والوقوف على اقدامها . بينما لا نجد الدول العربية الأخرى الا لمليء كراسي الاجتماعات واللقاءات التي تبرز أعلام الدول .
قضية القدس ليس مجرد قرار ، فهو بداية النهاية ، وهو ضوء أخضر للصهاينة أن يغيروا الديمغرافيا والجغرافيا ، ويصنعوا ما يشاءون بالمنطقة ، أنه بمثابة الموافقة على إطلاق يد إسرائيل لتفعل ما تريد ، ونحن نعلم أن اليهود لم ولن يقتصروا على فلسطين، فنحن نعرف أن مقصدهم مكة والمدينة ، وبقية مناطق الوطن العربي ، ولا ننسى جولدمائير في عام 1967 بعد النكبة عندما وقفت على جبل المكبر وقالت " إني أشتم رائحة أهلي في خيبر" ، نعم إنه الحلم الصهيوني وزعمائه منذ أقدم الأزمان .
فهل نفيق، وهل يتخذ العرب والمسلمين خطوات قوية تهز أركان المجتمعات العالمية وحكمائها ..نعم نستطيع والأمر بأيدينا فمتى نقرع الجرس .