facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




سيكولوجيـــــة متقاعد


سليمان الطعاني
14-12-2017 01:19 PM

لا أدري لماذا تختلف صورة المتقاعد بشكل عام لدينا عن مثيلتها في الغرب، فهناك تبدأ "حياة" ما عند الشخص الذي يُحال الى التقاعد. يقرأ ويكتب مذكراته ويلهو مع أولاده وأحفاده ويمارس هواياته التي حرمته منها الوظيفة الروتينية واليومية والدوام الممتد لساعات طويلة.

عندنا يخاف الشخص إن هو اقترب من مرحلة التقاعد، ويحاول قدر جهده "التوسط" لتفادي هذه المصيبة !!. ولعل هذا الخوف مبرره الوحيد الراتب التقاعدي الذي لا يكفي لسد حاجات المتقاعد نفسه وتلبية حاجات أسرته وتدريس الابناء واكمال مسيرة طويلة من العناء والتخبط،

والمتقاعدون العسكريون بالذات تربوا على منظومة مُثُـل وتقاليد وقيم وسمو أخلاق كوّنت في مجملها شخصيتهم العسكرية المتكاملة سلوكاً وانضباطاً واحترافاً وخُلقاً، كان الإخلاص والتفاني في أداء الواجب في سبيل الوطن ونكران الذات شعارها وعنوانها، جسّدها المتقاعد العسكري قولا وعملا داخل وخارج حدود الوطن وهو يحمل تحت لواء قيادته الهاشمية أنبل صفات الإنسانية والحضارة والشهامة.

كانت حياتهم أكثر بكثير من كونها وظيفة او وسيلة لكسب العيش، كانت عبارة عن تضامن النفوس الطامحة في اندفاعها نحو هدف سام، كانت مجموعة من الفضائل العسكرية المتمثلة في التدريب والتضحية والرجولة والشجاعة والتقشف والنزاهة وروح الجماعة، يعيشونها يوميا ويجسدونها في سلوكهم، فيما الآخرون منشغلون بالحياة والبزنس،

مبادئ الولاء للوطن وقيادته تسمو لديهم فوق كل الانتماءات الأخرى، لا يعرفون الا ولاء واحداً هو الولاء للأردن وطناً لكل أبنائه، ولقيادته الهاشمية. كيف لا وقد بدأوا مسيرتهم فعلياً في الجيش حين أقسموا ان يقوموا بواجبهم كاملاً حفاظاً على علم بلادهم وذوداً عن وطنهم، وفي طليعة قسمهم المحافظة على قيم الشرف العسكري والالتزام بتقديم مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية.

وجهان مختلفان، كوجهي القمر تماما في سيرة المتقاعدين العسكريين الذين أصبحوا نسيا منسيا، لا يسأل عنهم أحد، وجه وضّاء بالأنفة والكبرياء مضى وانمحق، واخر عليه غبرة وقائع زمن التقاعد وبؤسه وحيرته الدائمة، زمن مراهقة الأولاد وزيادة متطلبات الحياة،

ما زال المتقاعدون على قيد الحياة تنبض قلوبهم حبا للوطن وقيادته، وما يزالون على القسم الذي أقسموه، يسعون لتربية أبنائهم على ذات القيم التي تربوا عليها،

خرجوا من الخدمة في الوقت الضائع كما يقولون، فضاعوا معه في زمن اللامعقول، بات المتقاعدون القدامى وأنا اسمع الكثير منهم هم يشكو ضيق ذات اليد وظلم الحياة رواتبهم التقاعدية تآكلت ولم تعد تستر حتى فقرهم المزمن الذي يكابدونه وهم يعيشون واسرهم تحت سطوة الظروف المعيشية الصعبة والقاسية الظالمة،

ألا يحق لهم أن يحلموا بأندية أو مراكز استشارية خاصة بهم للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم المتميزة في مختلف مواقع العمل، كونهم قدموا خدمات جُلّى اسهمت في نمو مؤسسات الدولة وتطورها، سيما أن الكثيرين منهم لديهم الكفاءات والعلوم والخبرات التي يعتزون بها في الادارة وحسن الاداء لأنهم تربوا على مبادئ الضبط وأخلاق التفاني والاخلاص ايمانا منهم بالخدمة المخلصة لهذا الوطن ومؤسساته.

المتقاعدون العسكريون كَنز، لا تعرف قيمتهم إلا عند مجالستهم والاستماع إليهم. عبروا عن واقعهم بالكثير من الكلمات ...عبروا بزفرات كانوا يبتلعونها مـع جرعـة الشاي والقـهوة والدخان ...

المتقاعدون القدامى مسحوا الدموع بأيديهم، عبدوا الطريق بعرقهـم وأوجـدوا الحاضر بكفاحهم ومهـدوا الطريق إلى المستقبل بعزيمتهم وإصرارهم لا يجوز سحب البساط من تحت أرجلهم وانكار دورهم المشرف، إنهم يستحقون من يقف معهم ويغيثهم من واقعهم المؤلم إكراما لدورهم واحتراما لإنسانيتهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :