قام ملكنا الحبيب بجهد دبلوماسي منظم هائل خارق، أدى الى عزل اسرائيل وفضحها وكشف ما كان مخفيا ومنسيا من ممارساتها وتوسعها وظلمها وعدوانها على شعب فلسطين العربي. كما أدى هذا الجهد الملكي الملموس المؤثر، إلى حصار قراري الرئيس الأمريكي وتضييق الخناق عليه وكشف ما في قراريه من فردية وطيش وإضرار بالسلام والمصالح والمصداقية الامريكية ودعم للتطرف والعدوان التوسعي الصهيوني.
وفي المقارنة بين موقفي الملك عبدالله ونتنياهو وشخصيتيهما واسلوبيهما ووزنيهما، نجد فارقا كاملا. نجد أسود وأبيض.
فقد فشل نتنياهو في استعطاف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعه بهم في بروكسل قبل 3 ايام وحصل منهم على التوبيخ والادانة بدل التفهم والدعم.
أما الملك عبدالله فقد قالت فيه الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، أطيب الكلمات والأوصاف واطلقت عليه ازهى الالقاب واثنت على حكمته وتجربته وخبرته.
إسرائيل اليوم، بفضل جهود الملك عبدالله وعدالة القضية الفلسطينية، في أضعف حالاتها السياسية والدبلوماسية والاخلاقية، منذ اعلانها سنة 1948 وعلى امتداد سنوات بغيها السبعين.
فهاهي 55 دولة كانت قد وقفت مع الرئيس الأمريكي في قمة الرياض بتاريخ 20 أيار 2017 وشكلت معه تحالفا ضد الارهاب وفتحت له خزائنها وآبارها وقواعدها، تنقلب عليه كليا في قمة اسطنبول الاسلامية، جراء فعل يديه وقراراته الخرقاء.
لم يحدث في التاريخ ان تمت خسارة صداقة 55 دولة وكسب عداء 1.8 مليار انسان خلال 7 شهور، مقابل استرضاء سياسي مراوغ متطرف عدواني منتهك للشرعية الدولية، ومن اجل سداد وتسليف موقف متصل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ماذا سيقول ترامب لشعبه الأمريكي؟
هل سيقول انني كسبت نتنياهو، أكبر كاذب عرفه العالم، مقابل خسارة مذهلة؟!.
نستذكر هنا رأي الملك الحسين يرحمه الله في نتنياهو حين قال انه تعامل مع مختلف سياسيي العالم خلال اربعة عقود من حكمه ولم يعرف سياسيا كاذبا مراوغا مثل نتنياهو. ونستذكر رسالة التوبيخ الشهيرة التي وجهها إليه.
هزيمة ترامب لم يحدث مثلها في التاريخ ولا في حلبات المصارعة التي يهواها. انها بكل دقة، إمساك الثور من قرنيه.
فالعزلة التي يجد نفسه فيها، بسبب قراريه المتعلقين بالقدس، وحقوق شعب فلسطين، هي حصار خانق يضعفه ويجعله مهيأ للتراجع عنهما.
خاصة وأن ثقافة التراجع وتقاليد التراجع وسلوك التراجع، موجودة لدى ترامب ولدى نتنياهو.
فقد تراجع الاول عن إجراءات تقييد هجرة الدول الست وعن بناء أسلاك كهربائية على حدود المكسيك وعن إلغاء الاتفاق مع إيران وعن إلغاء قرارات التأمين الصحي الذي وضعها اوباما.
كما تراجع الثاني وانهزم وانكسرت شوكته في معركة البوابات والكاميرات في تموز الماضي في المسجد الأقصى المبارك تحت قوة وعنف وجبروت ضربات فتية فلسطين الابطال.الدستور