عندما تتخذ القرارات ارتجالاً .. وزارة الصحة نموذجاً!
م. هشام خريسات
13-12-2017 05:49 PM
خطوة ادارية مالية غريبة اتخذتها وزارة الصحة مؤخراً للمنتفعين من التأمين الحكومي في المراكز الصحية، وهي تتقاضى ربع دينار اردني فقط لا غير من المراجع بدل كشفية الطبيب الاخصائي لمدة ثلاثة اشهر، ولعل من اتخذ القرار اراد ان يدعم ميزانية وزارة الصحة بمبلغ زهيد جداً تجنباً لإرهاق المواطن ولكن تراكم هذه المبالغ على بساطتها يشكل رقماً معقولاً خصوصاً مع الاعداد الكبيرة التي تراجع المرافق الصحية الحكومية .. هكذا ظن صاحب القرار!
ولكن غاب عن بال من اتخذ هذا القرار ان عملية تقاضي هذه الكشفية التي لم اسمع بأرخص منها في التاريخ الحديث لربما تكلف من الوقت والجهد والتأخير للمواطن واضافة حلقة الى سلسلة الاجراءات والوقوف المتكرر على الدور من السجلات الى دور المحاسبة ثم دور انتظار الطبيب فدور تسعير الدواء ثم دور المحاسبة مرة اخرى وبعد ذلك دور استلام الدواء فدور المواعيد، وهو ايضاً يزيد من العبء على الكادر الوظيفي الذي اضيفت له مهمة اجرائية جديدة، عدا عن اوراق الوصولات والصور المنسوخة وتدبيسها وكتابتها ثم تصنيفها وارشفتها، كل هذه الاجراءات والاوقات والمواد المستخدمة من حبر ودبابيس واوراق ومطبوعات ودفاتر والجهد المطلوب لإجرائها في ظني له ثمن غير منظور مباشرة ولكنه يفوق ربع الدينار الذي يظل سارياً للمفعول ثلاثة اشهر!
اعتقد ان كثيراً من الاموال والنفقات يمكن توفيرها والحد منها بمزيد من الادارة الحديثة التي لا توفر مالاً فقط بل توفر جهداً ووقتاً وتشعر المواطن الذي يراجع الدائرة الحكومية بإنسانيته وكرامته واحترام وقته ومراعاة ظرفه الصحي وكبر سنه.
من المؤسف ان ترى هذه الطوابير الطويلة في مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها من سيدات وعجائز ومرضى لا يستطيعون الوقوف طويلاً ويجبرون عليه لانتظار الموظفين وهم يسجلون المعلومات يدوياً في سجلات ورقية عفا عليها الزمان، بينما في كثير من دول العالم قد اختفى اختراع كان يسمى (الورق) ولم يعد يستخدم الا في الكتب الثقافية التي تقبل عليها الشعوب المتحضرة او في لوحات الرسم الزيتي التي يتدرب عليها اطفالهم في المراسم والحدائق الراقية.
مخطئ من يظن ان وزير الصحة يجب ان يكون طبيباً او صيدلانياً مهما بلغ من مكانة علمية وطبية رفيعة ان لم يكن مبدعاً في نظم الادارة كإبداعه في الطب او اكثر!