عن العلاقات العربية الايرانية كلام لا تنقصه الصراحة!
شحاده أبو بقر
22-02-2009 12:20 PM
لم يعد ممكنا استمرار المجاملات والتردد في التعبير عن مخاوف معظم العرب جراء السياسات الايرانية التي يرون فيها مشروعا استراتيجيا تعمل ايران على تنفيذه تباعا بهدف الهيمنة على المنطقة عموما وبالذات المشرق العربي ، خاصة بعد تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو والتي يرى فيها ان ايران تشكل التحدي الرئيس امام اسرائيل،.
المصالح العربية والايرانية اليوم لا تحتمل ابدا ان يظهر العرب كما لو كانوا يشتركون مع اسرائيل في وحدة الضرر جراء الاستراتيجية الايرانية انفة الذكر ، اذ الاصل ان يكون العرب وايران معا شركاء حقيقيين في وحدة الضرر جراء الاستراتيجية التوسعية الاسرائيلية وليس العكس،.
واقع الحال يقول غير ذلك ، فالسياسات الايرانية في المنطقة تحمل الكثير من المؤشرات التي تعزز الشكوك والمخاوف في نفوس معظم العرب ، وهي شكوك ومخاوف عززتها سلبيا التصريحات الايرانية الاخيرة التي ترى ان دولة عربية مستقلة وعضو في الجامعة العربية والامم المتحدة وذات سيادة هي مملكة البحرين ليست سوى محافظة ايرانية،،.
الكلام الايراني الاخير بشأن البحرين كلام خطير جدا ويفتقر الى الحكمة الا اذا كان مقصودا في توقيته ومراميه وفق تفاصيل وبنود الاستراتيجية السياسية الايرانية في المنطقة ، وهنا تكمن المخاطر المرعبة التي تستوجب يقظة عربية سريعة لمواجهتها ، خاصة وان العرب المنكوبين بسياسات الاحتلال والتوسع الاسرائيلية الهدامة والمؤلمة ليسوا بحاجة الى المزيد من المتاعب التي يعتقد معظمهم ان ايران التي يفترض انها دولة شقيقة او على الاقل اكثر من صديقة ، باتت ولسوء الحظ مصدرا لها وبامتياز،.
تحسن ايران صنعا ان هي ادركت ان العرب ليسوا مغنما لمن يرغب وان غطرسة اسرائيل واستقواءها ليسا بسبب ضعف العرب وانما بسبب فرقتهم وان هذا الامر لن يطول بتاتا اذا ما انقضى العام الحالي دون ان تكون هناك قاعدة سلام حقيقي في المنطقة ، وان عهد الصراع المسلح قد يعود ثانية وبلا تردد اذا ما واصلت اسرائيل الاستخفاف بالحقوق العربية التي تواصل اغتصابها بقوة السلاح ودعم بعض القوى الكبرى،.
مؤلم ومحزن جدا ان يسود اعتقاد لدينا نحن العرب بان "الشقيقة ايران" يمكن ان يصل بها التخطيط الى حد استساغة انتهاز فرقة العرب وانقسامهم الى اكثر من معسكر لا بل واستشراء الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين والسودانيين واللبنانيين.. الخ ، للشروع في تنفيذ مشروعها المجافي لاصول العلاقات الاخوية المفترضة بين العرب وايران، مؤكد ان هناك في ايران من يدرك ان البحرين لن تكون الضحية السهلة وان كل العرب وبلا استثناء سيكون غضبهم عارما اذا ما جاء الخطر من ايران بالذات ، فلا مجال للمقارنة بين ايران التي تتحفنا على مدار الساعة بالحديث عن معاداة اسرائيل واميركا ومساندة الاشقاء الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين لاسترداد حقوقهم ، وبين اسرائيل التي تغتصب حقوقنا ومقدساتنا وتواصل الاعتداء علينا ، ففي حالة اسرائيل يتحدث العرب عن عدو تقليدي معروف ومنظور ، وفي حالة ايران يتحدث العرب عن صديق وشقيق سيكون من المرعب والمستهجن معا ان يكون قد اخفى في قرارة النفس عدوا غير معروف ولا منظور،،.
بصراحة ولمصلحة ايران اولا والعرب ثانيا ، تقتضي الظروف ان تعيد ايران التفكير مليا بصدد مشروعها في المنطقة ، فالاصل ان يكون مشروعا عقائديا وسياسيا وانسانيا للتعاون مع العرب لا لمعاداة العرب وتسخير مشاعر البسطاء منهم عبر اعلان التضامن والدعم لمعاداة دولهم وقياداتهم واظهار الاعجاب بايران باعتبارها المنقذ والملاذ في وقت تتضح فيه كل يوم حقيقة نوايا ايران تجاه المشرق العربي برمته،.
نتمنى لايران السلامة لكننا نتمنى السلامة اكثر للعرب ونرى ان الزمن الراهن لم يعد يحتمل غياب العرب عن الساحة ليكونوا لاعبا رئيسيا ان لم يكن اللاعب الرئيس الى جانب اميركا واسرائيل وايران ، خاصة وان العرب هم اصحاب المكان والزمان والمقدرات. اما الاخرون فمجرد ضيوف بعضهم مرحب به ان احسن اصول الضيافة وهو ايران ، وبعضهم غير مرحب به ابدا وهما اميركا واسرائيل بعد ان فقدا شرعية الضيف بكل تجلياتها.
تملك البحرين ان تطمئن تماما الى انها ليست تابعة لاحد ، لا لايران ولا لغير ايران ، وان كانت هناك من تبعية ايجابية محترمة في هذا الزمان ، فان مملكة البحرين تابعة لامة قوامها اثنتان وعشرون دولة عربية ليس بينها دولة واحدة يروق لها ان تسمع ما قيل في ايران اخيرا بحق هذا البلد العربي الاصيل ، ويملك شعب البحرين الشقيق ان يطمئن تماما الى انه ليس تابعا لاحد الا لامة قوامها اكثر من اربعمائة مليون عربي ليس بينهم عربي واحد لا يتدفق الدم حاميا في عروقه اذ يسمع اسفا ما قيل في طهران مؤخرا بحق هذا الشعب العربي الاصيل.
والله من وراء القصد.
She_abubakar@yahoo.com