السلام مع اسرائيل .. هو الهدف النهائي
22-02-2009 04:29 AM
خلال زيارة اعضاء من مجلس النواب الامريكي لقطاع غزة مؤخرا ، تضاربت الانباء حول لقاء احدهما ، وهو جون كيري ، الذي سبق ان نافس الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ، في انتخابات الرئاسة الثانية ، وهو من الحزب الديمقراطي ، مع وفد من حماس ، وتسلمه منهم رسالة للادارة الامريكية .
بدا التضارب بنقل وكالات الانباء للنبأ ، ثم نفي الناطق باسم حركة حماس له ، فوزي برهوم ، ثم جاء التاكيد عليه ، من قبل وكيل وزارة الخارجية في الحكومة المقالة ، احمد يوسف ، الذي اكد تسليم جون كيري رسالة من الحكومة ، وليس من حماس كما قال ، تطلب الاهتمام الامريكي بمعاناة الشعب الفلسطيني ، وتحقيق العدالة والسعي لازدهار المنطقة ... الخ ، دون الاشارة الى اي من الممنوعات التي تتبناها حركة حماس في تعاملها مع اسرائيل .
ما قاله وكيل وزارة خارجية الحكومة المقالة لمراسل الجزيرة ، يوحي بعدة امور ، اولها الرغبة في السلام مع اسرائيل ، وهذا يعني عقد اتفاق معها ، وبالتالي اعتراف ضمني بها ، سيتبعه لاحقا الاعتراف الصريح ، هذا هو منطق الاحداث في منطقتنا ، حيث تكون البداية دائما بمثل هذه العبارات ، لقد اصبح للمواطن العربي العادي ، الدراية الكافية بكنه مثل هكذا تصريحات ، والنتيجة التي ستقود اليها في النهاية ، اضافة طبعا لما يستشفه من الاحداث الاخرى .
المسؤول في خارجية الحكومة المقالة ، وحتى لا يبدو متضاربا مع ما صرح به الناطق باسم حماس ، اعلن ان هذه الرسالة سلمت باسم الحكومة المقالة ، وليس باسم حركة حماس ، وهو هنا يحاول الايحاء ، بان حماس شيء ، والحكومة المقالة شيء اخر ، فالاولى مقاومة لا تعترف باسرائيل ، والثانية حكومة لها هامش من المناورة السياسية ، وهذا طبعا لا يمكن ان يصدقه مواطن عادي ، فكيف بسياسي ، لان الحكومة المقالة ، والتي ترفض اقالتها ، هي حكومة حركة حماس ، فليست حماس هي ثوار الفيتكونغ ، وليست حكومة غزة هي حكومة فيتنام الشمالية ، الاسمين وجهان لعملة واحدة ، هذا هو واقع الحال ، وهذا ما يعلمه الجميع ، فحركة حماس هي التي تيسطر على القطاع ، ومسؤولي الحكومة هم مسؤولي حماس ، فهي ليست حكومة وحدة وطنية .
اللقاء مع المسؤول الامريكي ، وعملية تسليم الرسالة ، وما صرح به وكيل وزارة خارجية حماس ، يوحي ان السلام مع اسرائيل هو الهدف النهائي ، فامريكا لا يمكن استمالتها الى جانب حماس وتتخلى عن اسرائيل ، والازدهار المطلوب من الادارة الامريكية رعايته ، هو الازدهار الاقتصادي الموعود بعد تحقيق السلام ، والذي طالما دغدغت به احلام الشعب العربي في اقطار المواجهة ، كبديل عن الصراع العسكري ، وكان هذا الازدهار كما هو السلام ، مجرد احلام واهمة ، وامريكا لا يمكن ان تقبل بما يشكل خطرا على اسرائيل ، واي مواطن عادي يعلم ذلك ، اذن الاستعانة بالدور الامريكي ، هو طلب مساعدتها في تحقيق السلام مع اسرائيل ، والذي لا يمكن ان يكون ثمنه اقل من الاعتراف بوجودها كشرط مبدئي ، وهذا يتناقض تماما مع مباديء حركة حماس ، والغاء لمبرر وجودها ، لانها قامت كرد على الاستسلام .
اذا ارادت حماس ان تلعب بالساحة ، لعبة الحكومة والمقاومة ، فان الحكومة المطلوبة موجودة ، ومقرها في رام الله ، يمكن تحويلها لحكومة وحدة وطنية ، ولا داعي لحكومة اضافية في غزة ، وستكون تلك الحكومة مؤهلة اكثر من حكومة حماس للعب ذلك الدور ، فهي تمتلك مصداقية توجهها للسلام ، ومعنرف بها دوليا ، ولا ضرورة اصلا لهذا الصراع بين الاخوة ، والانقلاب الدموي ، الذي اوجد شرخا بين الفلسطينيين ، وابعد حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ، اما اذا اصرت حماس على ان تلعب هذه اللعبة بممثليها فقط ، فانها في النهاية سوف ترسخ الانقسام الفلسطيني ، وتخسر مناصريها .
m_nasrawin@yahoo.com