لطالما كان ملف القضية الفلسطينية اهم واولى أولويات السياسة الخارجية الاردنية، حيث تقدم هذا الملف على جميع الملفات الإقليمية الاخرى وهذا لعدة أسباب.
اولا: البعد الديني حيث الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ثانيا: طبيعة العلاقة بين الشعبين الاردني والفلسطيني حيث الارتباط العضوي بكل ما يحمله المصطلح من معنى.
ثالثا: الارتباط القانوني الذي تمثل بالوحدة بين الضفتين في نيسان ١٩٥٠في عهد الملك الشهيد عبدالله الاول طيب الله ثراه.
الى ان ارتأت الدول العربية ومنظمة التحرير غير ذلك في قمة الرباط ١٩٧٤تلا ذلك فك الارتباط عام ١٩٨٨بعهد جلالة المغفور له الحسين بن طلال.
رابعا: الإيمان المطلق عند النظام السياسي الاردني بوجوب حل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود الرابع من حزيران لعام١٩٦٧ودولة إسرائيلية.
خامسا: القناعة التامة لدى جلالة الملك ان عدم حل القضية الفلسطينية سيبقي المنطقة في حالة عدم استقرار وبيئة حاضنة للتطرف والارهاب.
سادسا: الاردن معني تماما ومتأثر بشكل مباشر في عدة ملفات مهمه كملف اللاجئين والقدس وحق العودة فهي ملفات تمس سيادة الاردن واستقراره.
كل ما سبق كان سببا رئيسيا في التحركات التي تقوم بها كافة الجهات المعنية بالسياسة الخارجية الأردنية والتي يرأسها جلالة الملك حيث نجح الاردن بحشد رأي عام دولي وازن يتفهم وجهة النظر الأردنية ويثق عميقا بآراء ومواقف الاردن وقيادته.
هذا وقد تعاملت القيادة الأردنية مع رؤساء الولايات المتحدة والكونجرس الامريكي ووجدت تفهما كاملا لوجهة النظر التي يتبناها الاردن الى ان جاء ترامب من وسط غير سياسي فهو رجل اعمال لا يملك الخبرة والوعي الكامل للتعامل مع الملفات الخارجية بالإضافة الى أشخاص حوله ينتمون الى اليمين المتصهين فخرج الاعتراف السيئ بقدس موحدة للكيان الغاصب ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس دون وعي لما يترتب على هذا القرار من تعميق للازمات في المنطقة والدفع بها نحو مزيدا من التطرّف والتعصب وتفريخ لحركات ارهابيه تعتمد على جذب الشباب وتجنيدهم على اجندة القضية الفلسطينية مستغلين حالة الاحباط المتولدة لديهم.
جاء هذا القرار في ظل ضعف عربي وفرقة وتجاذبات اقليمية جعلت من القضية الفلسطينية قضية هامشيه خارج إطار الاهتمامات العربية باستثناء الاردن الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الاولى و بذل جهدا فاق طاقته وحدود أدواته.
إن هذا القرار الاحمق رجع بالقضية الفلسطينية الى المربع الاول وهنا مطلوب من الأخوة الفلسطينيين بكافة فصائلهم نبذ الخلافات وتعظيم المصلحة الفلسطينية العليا بالإضافة الى خيار المقاومة وصولا الى انتفاضة رابعه وعلى السلطة الفلسطينية ان توقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال وإذا دعت الحاجه لتحل السلطة نفسها وعلى الصهاينة ان يتحملوا تبعات احتلالهم لفلسطين.
اما الاردن فهو متوحد تماما خلف قيادته التي يثق بها وقد بدا هذا واضحا في كل الأزمات التي يتعرض لها الاردن وشاهد كل العالم الاحتجاجات التي يقوم بها الشعب الاردني بمختلف مكوناته وانتماءاته وأطيافه على هذا القرار
وما زال قائد البلاد متمترسا حول قناعاته وثوابت السياسة الخارجية الأردنية بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية باذلا أقصى ما يمكن من محاولة تفريغ قرار ترامب من مضمونه بالاتصال شخصيا بدول العالم وموجها الخارجية الأردنية التواصل مع كافة المؤسسات والمنظمات الدولية للتأكيد على ثوابت الاردن تجاه القضية الفلسطينية.