قرار "الجنائية الدولية" ضد الأردن عَوَر أم اِرتهان؟
عمر عليمات
12-12-2017 09:43 AM
إعلان «المحكمة الجنائية الدولية» اعتزامها إحالة الأردن إلى مجلس الأمن الدولي، لعدم تعاونه فيما يتعلق باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، قرار يثير الاستغراب والشكوك حول دوافعه وتوقيته، نظراً لزيارات سابقة قام بها البشير إلى 6 دول أخرى أعضاء بالمحكمة.
البشير زار تشاد وكينيا وجيبوتي وملاوي ونيجيريا وجنوب أفريقيا وجميعها موقعة على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية ، فلماذا يحال الأردن لمجلس الأمن؟ ويُغض الطرف عن الدول الأخرى، وهل استقلالية المحكمة باتت على المحك، وهل الهيئات والمنظمات الدولية باتت ألعوبة بأدي خفية تحركها ضد دول العالم للحصول على مكاسب سياسية أو للضغط عليها لتغيير مواقف لا تعجب البعض.
القريحة التي تفتقت عن هذا القرار يبدو أن مواقف الأردن لا تعجبها، فلم تجد ما تستخدمه سوى هذه المهزلة القانونية التي لا تسمن ولا تغن من جوع، فالأولى للمحكمة أن تحيل الدولة التي استضافت البشير أربعة مرات بعد صدور مذكرة الاعتقال في العام 2009، حيث قام الرئيس السوداني بزيارة تشاد أربعة مرات بدءاً من العام 2010 أي قبل ستة سنوات على زيارته للأردن.
قرار الجنائية الدولية لا يمكن قراءته إلا في إطار تسييس عمل المنظمات الدولية، ووقوعها تحت تأثير جماعات الضغط وبعض الدول، فرغم عدم القناعة بنظرية المؤامرة الجاهزة للتبرير، إلا أنه من حقنا أن نقف أمام هذا القرار الغريب، لكونه لم يتعامل مع الدول الأعضاء في المحكمة بذات الصيغة القانونية التي تتكأ عليها "الجنائية الدولية" في موقفها ضد الأردن، فهل الموقف الأردني من قضية القدس أغضب البعض، أم أن صلابة الموقف الأردني تجاه محاكمة ضابط الأمن الإسرائيلي قاتل الأردنيين، وعدم رضوخ الأردن للضغوط الإسرائيلية، تساؤلات من حقنا طرحها، وعلى كافة القانونيين شرح أبعاد هذا الموقف وعدم الاكتفاء بالجهد السياسي الذي يقوم به الأردن الرسمي.
المحكمة العتيدة عوراء لا ترى إلا بعين وحدة، فأين هي عن المذابح والمجازر التي يغص بها العالم شرقاً وغرباً، وأين هي عن الإجرام الذي تنفذه كيانات ودول ضد شعوبها، وأي هي عن سياسات التطهير العرقي في ميانمار وغيرها، وأين هي عن الدول التي تضرب بقراراتها عرض الحائط.
عور "الجنائية الدولية" لن يضير الأردن، وقراراتها هي ومجلس الأمن لا تزيد قيمتها عن ثمن الحبر الذي تُكتب به، ولو أننا أمام مجلس تُحترم قراراته لما رأيناه عاجزاً منذ عام 1948 عن تنفيذ أي قرار يتعلق بفلسطين.
ببساطة "خليهم يبلوا قرارهم ويشربوا ميته"، فالأردن ليس بلداً يتقلب في مواقفه شرقاً وغرباً، يميل حيث مالت الريح، فالمبادئ في الأردن لا تُجزأ، والمواقف لا تخضع لسياسة العرض والطلب، وسنبقى القابضين على جمر الوطن، لأنه الأردن الذي نعشق.