إعفاء رؤساء جامعات .. اين المسؤولية؟
أ.د. عصام سليمان الموسى
11-12-2017 01:04 PM
قرار اعفاء رؤساء ثلاث جامعات- يهمني منها جامعة اليرموك التي خدمت فيها بين 1976 و2015 حوالي 33 سنة بطولها من بدايتها وحتى قبل عامين ونصف.
كانت اليرموك الجامعة الثانية التي افتتحت في الأردن عام 1976- اي بعد 14 عاما على افتتاح الأردنية. وحتى ذلك التاريخ لم يكن في الأردن جامعات خاصة.
ان نظرة سريعة الى تاريخ جامعة اليرموك، يقودني الى القول: ان من سوء حظ جامعة اليرموك ان تولى ادارتها رؤساء فشل معظمهم في قيادة السفينة بنجاح، باستثناء ثلاثة برأيي هم: الأستاذ الدكتور علي محافظة، والاستاذ الدكتور محمد ابو قديس، والأستاذ الدكتور سلطان ابو عرابي.
كانت الامال كبيرة مع افتتاح جامعة اليرموك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، لكن لم تمر عشر سنوات حتى صدم المجتمع الأردني بأحداثها التي أدت الى مقتل ثلاث من الطلبة في سابقة خطيرة. وتم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة المرحوم الدكتور ناصر الدين الأسد وزير التعليم العالي، انتهت الى تحميل الرئيس المؤسس عدنان بدران المسؤولية كاملة، فأعفي من منصبه (أنظر: كامل العجلوني، تاريخ جامعة اليرموك وأحداثها). والعجيب ان بعض رؤساء اليرموك أسسوا جامعات خاصة ترأسوها بعد ان تركوا اليرموك وبعد ان اكتسبوا الخبرة اللازمة فيها ، وربما من المياومات لسفرات بعضهم الطويلة والكثيرة التي افقرت الجامعات.
ما يهمني الآن اقالة رئيس جامعة اليرموك رفعت الفاعوري، فقد تفاءلنا بتعيينه بداية على اعتبار انه كان من صلب جامعة اليرموك وترقى الى منصب "عميد" ثم "نائب رئيس". قلنا وقتها: ان أهل مكة أدرى بشعابها - مغفلين مع الأسف فترة خروجه الطويل من الجامعة وعمله خارج الأردن في أعمال ادارية.
وتفاءلنا أكثر بعد قراءة مقال كتبه عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك حاتم علاونة في جريدة الرأي وموقع عمون الإخباري (بعنوان "شهادة حق" بتاريخ 29/9/2016)، وصف فيه انجازات الفاعوري بالاعجاز: يقول العلاونة: " أن ما تحقق خلال عام واحد فقط يكاد يكون اعجازيا في سفر الجامعات"، ومهد علاونة لذلك بمقدمة طويلة قال فيها مؤكدا صحة شهادته: "فانني اسكب عصارة روحي عبر ثنايا احرفي التي تتمازج كما الروح في الجسد في كيان عباراتي".
لكن فوجئنا يوم أمس بخبر عزل الفاعوري، فاين انجازاته المعجزة التي تحدث عميده عنها؟؟ وها هو يعزل على يد لجنة برئاسة أ.د. أمين مشاقبة وسبقتها لجنة أعطت تقديرات برئاسة أ.د. أمين محمود- وكلاهما من جامعة اليرموك أصلا- والأهم بمصادقة جميع أعضاء مجلس التعليم العالي (جريدة الرأي 10/12/2017).
هذه المشكلة تقودنا الى مشكلة أخرى: ان معايير أختيار رئيس الجامعة تتطلب أن يكون من يرشح لمنصب الرئيس قد عمل عميدا ونائبا للرئيس. وحين نأخذ بالحسبان هذين المعيارين، فاننا نتساءل ببراءة: من هو الرئيس الذي عين الرؤساء الثلاثة المقالين في منصب "نائب رئيس"؟؟ وما هي المواصفات التي زكي بها كل منهم لذلك المنصب الذي أهله لاحقا ليصبح رئيسا لجامعة تأتي لجنة مشكلة من وزارة التعليم العالي فتقيله ويصادق على قرارها مجلس التعليم بالاجماع؟؟
ثم اليس من حق أعضاء الهيئة التدريسية، الذين عملوا في ظل هؤلاء : نوابا ورؤساء عليهم، ان يعرفوا من من الرؤساء السابقين زكاهم، وعلى أي أسس؟
وبرأيي المتواضع، انه يجب محاسبة هؤلاء الرؤساء أيضا لأنه من الشائع في الأوساط الجامعية ان الرئيس يختار عادة نوابه وعمداه من محاسيب لا يقولون "لا"، وممن يوافقون الرئيس على رغباته وقراراته دون تردد (اي نعم نعم ، ولا لا)..
لا عجب بعد هذا، وبوجود مثل هؤلاء القادة ، ان تحدث "معجزة" تراجع مستوى التعليم في الأردن.