للتصدي لصفعة القرن .. كلنا خلف جلالة الملك
د. ثروت محمد المصالحة
10-12-2017 11:27 AM
يشعر الاردنيون ومليكهم ومعهم الفلسطينيون بمرارة كبيرة وخذلان من موقف عدد من الدول الوازنة في محيطهم العربي خلال الاشهر الماضية وصولا الى اعلان الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لاسرائيل ويرجع ذلك الشعور الى القناعة ان ترامب ما كان ليتهور بهكذا قرار قبل الحصول على صك بعدم الممانعة الجادة من حلفاءه العرب لهكذا قرار وإكتفائهم بشكل مكشوف بادنى درجة من خطاب الاحتجاج الدبلوماسي وذلك لامتصاص غضبة الشارع العربي والاسلامي المتوقعه.
ان اخطر ما في الموقف الامريكي الجديد إضافة الى ضربه بعرض الحائط جميع القرارات الدولية التي صدرت وبموافقة الولايات المتحدة خلال العقود التي تلت احتلال اسرائيل للقدس في العام 1967 هو ترسيخ نهج تنصل الولايات المتحدة بقيادة رجل البيت الابيض من التزاماتها الدولية بحجج واهية وخطيرة مثل تغيير الواقع على الارض (وهو ما حذر منه الاردن والفلسطينيون مرارا) بالاضافة الى ما اعلنه ترامب ايضا من عدم التزامه بحل الدولتين وربط ذلك بموافقة الطرفين وهو ما يخالف جميع الاسس التي إستندت اليها مسيرة السلام من ان الحل الوحيد لهذا الصراع الطويل هو حل الدولتين .
يضاف الى تلك التقارير التي تتحدث عن اتفاقات للالتفاف على دور الهاشميين في الوصاية على المقدسات الاسلامية في القدس (دور نصت عليه صراحة اتفاقات السلام) وبالتوازي مع تغيير في اولويات جيران الاردن بإتجاه التصدي لما يسمى تنامي النفوذ الايراني في المنطقة واعادة صياغة الاحلاف استنادا الى ذلك بدون ادني إلتفات الى ضرورة الوصول الى حل عادل ومتوازن للقضية الفلسطينية.
في ظل هذا التحدي السياسي الكبير الذي يتم فرضه على الاردن والذي يتزامن مع وضع اقتصادي مقلق في المملكة فان التصدي لما سمي بصفقة القرن المشبوهه يتطلب وقوف الاردنيون جميعا خلف قيادتهم بكل الوسائل والايمان بان تلاحم الشعب والقيادة سيوصل الرسالة المطلوبة لجميع اللاعبين في هذه الصفقة من انها لن تمر بسهولة وستصطدم برفض شعبي ورسمي اردني وفلسطيني لاسقاطها كما يتطلب ذلك تشكيل حكومة من شخصيات وازنة لها فكر سياسي وقبول واحترام وطني لتعمل على استنهاض وإعادة تشكيل الخطاب الوطني وتحديد الاولويات والخطط لمواجهه الاسوأ في ظل توقعنا لردة فعل علينا تقدير مداها من هذه الاطراف تجاه موقف الاردن الرافض لهذه الصفقة وقرار ترامب الاخير.
كما يجب البدء بالتنسيق مع القوى الاقليمية في المنطقه والتي يتوافق موقفها مع الاردن بهذا الخصوص وضرورة البناء على الموقف الاوروبي اللافت الذي صدر عن ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي بضرورة الاصغاء لصوت الملك وكذلك موقف المندوبين البريطاني والفرنسي في جلسة مجلس الامن المنعقدة بالامس لمناقشة الموقف حيث اكد المندوبان على ضرورة احترام وعدم المساس بالوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة في القدس الشرقية .
في خلاصة القول انه لا يمكن تمرير حلول تسقط الحقوق الشرعيه لاصحاب الارض بدون موافقتهم وإن رفضهم هو ما سيفشل فعليا هذه الصفقة ويجب ان ندرك انه سيكون لذلك ثمنا قاسيا على الاردنيين والفلسطينيين معا الذين تركوا وحدهم في التصدي لهذه المؤامرة وذلك عندما يجد الامريكي وحلفائه انه لا يملك الادوات لتطبيق رؤيته المختلة للحل في المنطقه وربما يكون ذلك قد بدأ فعلا من خلال بعض التصريحات التي صدرت بالامس من اعضاء في الادارة الامريكية كوزير الخارجية تيليرسون ومندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية من أن حدود القدس ما زالت خاضعة للتفاوض.