ثبتت مسيرات أول أمس الجمعة في مدن ومحافظات المملكة أن هذا الشعب نبض العروبة وأيقونة الكرامة التي لا
تذوب أو تنطفىء، فقد أطرب هدير الحناجر العطشى للحقّ مآذن القدس من عمان وقالت له بهتافات النصرة
والإصرار: "أنا الأردن من جديد" أنا الأردن الذي ما خذلك يوماً ولن يخذلك، أنا الأردن الذي يغني لفلسطين على وسادة
النهر، أنا الأردن الذي ينسى "رغيفه" أمام قدسه، فيضع جانباً جوعه أمام كرامته، ومصلحته أمام مبادئه ويبقى رئة
فلسطين التي لا تأخذ شهيق الحرية ولا تطلق زفير السلام الا به..
هو الأردن قنديل الدم ووهج المقاومة الحقيقية..
سكتت العواصم العربية وصدحت عمان، فتلقف صوتها كل مراسلي القنوات الفضائية ليروا العالم كيف يتوحد الدم الأردني في قاف القدس، حتى العلم كان منتشياً يرفرف بعزة وافتخار..
كانت ألوانه زاهية رائعة تشبه هذه الأرض كان للكرامة طعم مختلف كرامة طبيعية غير "مهرمنة" او مفتعلة هكذا تصنع المواقف وهكذا يتذكر التاريخ الرجولة..
قبل أسبوعين شاركت في ملتقى للإعلام من اجل فلسطين في اسطنبول وقلت للحضور بالحرف الواحد.. ليست مزاودة ولا ادعاء، لقد تربيت على سماع اسم فلسطين منذ لحظات الوعي الأولى، قلت لهم: كانت أمي تسند الراديو على شباك غرفتنا الطينية كانت تسمع برنامج "رسائل شوق" للراحلة الكبيرة كوثر النشاشيبي وكانت تفرح أمي عندما تسمع عن نبأ زفاف محمد في الضفة الغربية وعن قدوم مولود ذكر لهاجر أسمته إسماعيل في رام االله.. كانت تتابع كل التفاصيل هناك رغم أن أمي أردنية ولا تعرف من فلسطين الا اسمها.. لذا لا يمكن ان انسى فلسطين لأنني اذا نسيتها أكون قد نسيت أمي.. وهذا حال الذين نزلوا الى شوارع عمان أول أمس يهتفون باسم القدس وفلسطين
لقد كانوا يهتفون لأمهم فلسطين..
لكن دعونا نعترف، خطوة واحدة لا تكفي، الشعوب متعطشة للكرامة رغم انها منهكة بضيق العيش لكنها تنتظر أكثر..
على الصعيد الرسمي بكل تجرّد موقفنا متقدّم على جميع الدول العربية لكننا كشعوب نطمح للمزيد، ماذا بقي من اتفاق وادي عربة بعد ان نقضوه بنداً بنداً وقطّعوا عُراه ؟ ماذا ننتظر كي نغلق سفارتنا هناك ونحسم أمور "عشّ الغراب" هنا؟..
ماذا ننتظر كي نقول لهم "أنا الأردن"..
لماذا لا نسلم سفير ترمب رسالتنا المختصرة الموجزة المكتوبة بنبض الشعوب العربية كلها : "الدم مقابل السلام"..
عليكم ان تحقنوا سلامكم حتى نحقن دمائنا..
الرأي