عمون - قال الدكتور سيف دعنا، أستاذ الاجتماع والدراسات الدولية ورئيس دائرة علم الاجتماع في جامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة الأميركية، أن قرار ترامب بشأن القدس قرار مصيري، وقد تكون له تبعات وجودية بالمعنى التاريحي.

وأضاف، "قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني قرار مصيري وقد تكون له تبعات وجودية بالمعنى التاريخي. لكنه يأتي في ظروف تحولات عالمية وإقليمية مختلفة عن تلك التي سادت في أوائل التسعينات وانتجت أوسلو. بهذا المعنى يمكن عمليا وواقعيا تجنب الكارثة وحتى تحويلها لفرصة، ليس لفلسطين فقط ولكن للمنطقة العربية جمعاء للخروج من النفق المظلم الذي دخلته قبل سبع سنوات، وهذا ينقلنا من المعنى التاريخي الى مجال السياسة والفعل". 

ومضى يقول: "بعد الحراك الميداني ومقدمات الانتفاضة والتضامن العربي الشعبي ينبغي على القوى السياسية الفلسطينية بالتنسيق مع قوى المقاومة العمل مجتمعة على مقاربة سياسية تؤسس لمسار جديد يقطع  كليا مع نهج ومسار التسوية وينظم الفعل المقاوم في سياق سياسي كفاحي حتى لا نكون امام مجرد فعل احتجاجي موسمي أو مقاومة بلا افق. الاحتجاج لوحده غير كفيل بإحباط مفاعيل القرار الخطيرة جدا. يمكن فقط لمشروع سياسي مقاوم جدي وطويل النفس أن يحبط أي تبعات ممكنة لمشروع تصفية القضية الفلسطينية وحتى تحقيق إنجاز تاريخي. وهذا يقود إلى الأدوات التنظيمية التي يمكن لها حمل أعباء هكذا مشروع".  

وواصل حديثه قائلاً: "الحفلة بالنسبة لمحمود عباس وفريق أوسلو انتهت. قرار ترامب حسم كل ما يسمى مواضيع مفاوضات الحل النهائي من القدس، للاستيطان، لحق العودة ولم يترك شيء لطاولة المفاوضات، لمن لا يزال يراهن أو ينتفع من المفاوضات. على هذا الفريق الخروج من المشهد وتخلية الطريق بين الناس وبين المقاومة من جهة والاحتلال من جهة أخرى. لكن لا يجب تجاهل الخراب الكبير الذي أسس له فريق أوسلو على مدار أكثر من ٢٥ عاما سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو التنظيمي أو حتى الأيديولوجي، ولهذا ستكون الطريق طويلة وشاقة، ولكن هذه هي طبيعة مقاومة الإستعمار".

وحذر من أن "هذه مرحلة جديدة تفترض وتتطلب أدوات تنظيمية جديدة وفكر سياسي جديد وحتى عقيدة عربية مضادة لعقيدة الإستسلام والهزيمة التي تم تسويقها على مدى عقود. لهذا يتحمل محور وقوى المقاومة على مستوى الإقليم مهمة ومسؤولية كبرى ليس فقط لإسناد الفلسطينيين، بل والانخراط مباشرة وبشكل شامل (سياسي، إقتصادي، كفاحي، وايديولوجي) في المعركة".

وأشار إلى أن "إستعمار فلسطين يستهدف كل المنطقة العربية وقرار ترامب يستهدف محور المقاومة بنفس القدر الذي يشكل فرصة أيضا لهذا المحور. وبنفس القدر الذي كانت المعركة في وعلى سوريا تحدد مصير الإقليم ككل، فإن المعركة في وعلى فلسطين ربما تقرر مصير العالم. ستكون التضحيات هائلة، لكن من فلسطين يمكن أن يبدأ عالم ما بعد أميركا، وحتى عالم ما بعد الهيمنة الغربية. هذه هي طبيعة المعركة الدائرة الآن". 

واختتم حديثه بالقول: "هذه معركة لا يجب ولا يمكن للعرب أن يهزموا فيها، لانهم  ببساطة لا يستطيعوا تحمل تبعات الهزيمة فيها أو حتى دفع ثمنها الهائل. المعركة وجودية جدا لا مجال فيها للمجاملات أو المساومات أو التردد ومن يفعل فإنه يتلاعب بمصير كل العرب".

(شرق وغرب اللندني)