لماذا يستكثر صندوق النقد الدولي على الأردن أن تبلغ ديونه ما يعادل 95 %من الناتج المحلي الإجمالي، مع أن معظم دول العالم مدينة بأكثر من هذه النسبة دون أن يحسب ذلك خللاً في اقتصادها أو ضعفاً في مركزها المالي.
في الأرقام أن بلداً غنياً مثل ألمانيا تبلغ مديونيته 7ر84 %من الناتج المحلي الإجمالي، بريطانيا 89 ،%كندا 2ر91،% فرنسا 3ر97 ،%الولايات المتحدة 3ر108 ،%إيطالياً 4ر132 ،%اليابان 2ر239.% عوامل عديدة يمكن أخذها بالاعتبار عند النظر في هذه الظاهرة، اي قبول مديونية أعلى لبلد ما أكثر من مديونية أقل لبلد آخر:
1 -إن معظم ديون الدول الغنية محررة بعملاتها الوطنية، فهي تقترض من نفسها وليس من أطراف خارجية.
2 -إن معظم ديون الدول الغنية بأكملها أو كلها في بعض الحالات، يعود لأفراد أو شركات وطنية أو بنوك محلية، لا تستطيع أن تخلق متاعب للدولة إذا حصل تأخير في التسديد.
3 -إن ديون بعض الدول كالصين هي في الواقع ديون على الشركات الصينية التي تملكها الحكومة ولا تشكل عبئاً على الخزينة وتقوم الشركات بتسديد ديونها دون الاستعانة بالحكومة.
لا يقصد بهذا الاستعراض التهوين من مشكلة المديونية في الأردن، خصوصا وإن الجزء الخاص بالمديونية الخارجية في ارتفاع ليس لسد عجز الموازنة فقط، بل لتعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية أيضاً.
في الحالة الأردنية فإن فوائد القروض - وبخاصة الاجنبية منها - أخذت تشكل عبئاً على الموازنة، وتؤثر سلباً على النمو، ذلك أن ما يولده الاقتصاد الوطني من نمو يذهب للخارج ويعتبر خصماً من النمو الاقتصادي، خصوصا وأن هذه الديون لم تتراكم لتمويل مشاريع مولده للدخل بل لمجرد سد عجز الموازنة وتمكين الحكومة من الاستمرار في سياسة الدعم.
اعترافاً من الأردن بخطورة تضخم المديونية، تمت الاستعانة بصندوق النقد الدولي، وأخذ الأردن في تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادي، أحد أهم أهدافه تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
يبقى أن المديونية تعتبر قيداً على راسم السياسة النقدية، ولا تسمح لوزارة المالية بحرية الحركة والتجاوب مع الظروف المختلفة.
الراي