سواء كنا مهتمين ومشجعين لكرة القدم او من المتحمسين لها، فان بعض الاحداث الرياضية تتجاوز اطارها الفني كرياضة لتصبح حدثا وطنيا، تماما مثل اي قضية تستحوذ على اهتمام الناس والرأي العام.بين ايدينا انجازات كروية تجاوزت حدود اصحابها لتكون انجازات وطنية، ودليل هذا ما بعثته من صدى وردود افعال، ونشوة وفخر في اوساط فئات واسعة من الاردنيين. فليلة الثلاثاء على الاربعاء حقق الفيصلي انجازا اردنيا عندما وصل الى المباراة النهائية لبطولة الاندية العربية. وهو انجاز غير مسبوق، كما انه حدث يخرج عن اطار التنافس الداخلي بين الاندية في البطولات المحلية، لان من كانوا في الملعب شباب يمثلون كل اردني، ويعبرون عن مستوى الكرة الاردنية بكل انديتها، وفي كل محافظة. وقبل هذا بشهور، كان انجاز منتخب الشباب لكرة القدم، بالوصول الى بطولة كأس العالم للشباب التي ستقام في الصيف القادم.
وحين نتحدث عن انجازات اي مجتمع، فان الانجازات الرياضية من اهمها، وبخاصة حين تكون في اطار وطني خال من الامراض والصغائر. وحين نتحدث عن قطاع الشباب الذي يمثل نسبة كبيرة من مجتمعنا، فان الرياضة احد عناوين اهتمام الشباب. وافضل ما تمثله الرياضة حين تصبح من القواسم الوطنية المشتركة، عبر انجازات وجهد. وهذا الجهد لا يمثله اللاعبون فقط، بل وكذلك المؤسسات الاردنية التي تعمل بجد واجتهاد حتى وصلت الى هذا العمل، وزرعت الفرح في اوساط المتابعين وغير المتابعين للرياضة.
والانجاز في اي مجال قادر على تحقيق التفاف حول الوطن. وحين يلعب منتخب شباب الاردن في بطولة كأس العالم -وهو البلد العربي الاسيوي الوحيد هناك- فان اي اردني سيرى في هؤلاء الشباب نفسه، حتى وان لم يكن معنيا بالكرة. وحين يصل الفيصلي الى نهائي الاندية العربية، فهذا انجاز يلتف حوله الشباب الاردني، ان لم نقل فئات واسعة من الاردنيين. وما جرى يثبت ان لدى شبابنا قدرات وامكانات وولاء لوطنهم، وانهم بالرعاية وحسن الادارة قادرون على تقديم الكثير، وهم في المحصلة في الخارج يمثلون الدولة وكل اردني، واي ناد اردني يضيع اسمه في الخارج ويبقى انتماؤه لوطنه وتمثيله لبلده.
ونحن نتحدث عن الانجاز، فان المتابعين للكرة يتذكرون ان من صنع الخطوات الاولى والمهمة لمنتخب الشباب الذي وصل الى كأس العالم هو مدرب اردني شاب اسمه احمد عبدالقادر، ومن يدربون العديد من انديتنا هم اردنيون، ولهم انجازات في البناء لا تقلل من قيمة وجهد ومكانة العربي العراقي عدنان حمد، لكننا نقول ان في هذا البلد خيرات من البشر اصحاب الكفاءة، والقادرين على الفعل.
لو كان لدينا حساب لمردود الانجاز الرياضي للفيصلي او المنتخبات او غيرها من الاندية، لكانت تساوي الملايين. فالدول تنفق الكثير لتعرّف بنفسها، لكن هذا الانجاز يعرّف العالم بشباب الاردني وقدراته. انها منظومة متكاملة من الاداء الجيد في كل مجال، ومحصلتها ولاء واتفاق حول قواسم مشتركة.
ولعلها فرصة ان نوجه نداء لجماهير الكرة، وتحديدا الفئات التي تخرج عن كل الثوابت بهتافات رديئة ومنطق لا يليق ان يتم الحديث به.
حين كان شعار "كلنا الاردن"، كان هدفه الاساس ان يجتمع الاردنيون على اولويات وثوابت، لكن ما يجمع الناس ايضا هو الانجاز، سواء أكان علميا ام رياضيا ام اقتصاديا... والانجاز لغة لا تغيب عن اي مجتمع، لكننا احيانا نفتقد الى اساليب الوصول الى الانجاز، او نقصّر في اعطاء اصحاب الانجازات حقهم من التعزيز والتقدير. واذا كنا اليوم نقدم بعض التكريم لاصحاب الانجاز الرياضي، فان الانجازات الاخرى تستحق التكريم لانها جزء من عوامل التماسك الداخلي والعلاقات السوية.
تحية لشبابنا الاردني في كل المجالات، وتحية خاصة للفيصلي ومنتخب الشباب اللذين تجاوزا في تمثيلهما حدود انديتهما الى تمثيل كل الاندية، من الوحدات الى الرمثا والحسين... وتحية لكل انجاز لم يتم تقديره او الوصول اليه.
sameeh.almaitah@alghad.jo