ما كان مبكرا يوم أمس أمسى متأخرا غدا
عدنان الروسان
07-12-2017 09:57 PM
ربما كان مبكرا يوم أمس أن نتحدث بما نتحدث به اليوم رغم أنه لم يكن كذلك ،غير أن يوم غد سيكون متأخرا جدا ، اليوم رأينا بأم أعيننا و لمسنا لمس اليد أن الحليف الأمريكي ليس حليفا موثوقا وأنه يضحي بحلفاء كالسعودية و مصر والأردن مقابل أن يرضي حليفا واحدا هو إسرائيل ، يضحي بالنفط و المال والمليارات و القواعد العسكرية من أجل إرضاء إسرائيل التي يغدق عليها هو النفط و المال و يبني لها القواعد العسكرية ، الحليف الأمريكي وضع الأنظمة السياسية العربية المعتدلة الحليفة لأمريكا و القريبة من إسرائيل موضع شك واضح لا لبس فيه و لا غموض أمام شعوبها ، إما أن هذه الأنظمة متفقة مع أمريكا على أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل و أن ما تقوم به من بيانات الشجب و الاستنكار ليس إلا ذرا للرماد في العيون و إما أنها لا تشكل أي وزن لدى الإدارة الأمريكية و الولايات المتحدة الأمريكية كلها.
واضح تماما أن الأردن يتعرض لمؤامرة مكتملة الأركان و أنها تنفذ بخطة محكمة للقضاء على الكيان الأردني و قد حان الوقت أن نتخلى عن المجاملات السياسية و نخرج من حالة الإنكار و نعترف بأن الحليف الأمريكي لا يهمه إلا أن تبقى إسرائيل قوية منيعة بغض النظر عما يحصل في الأردن و للأردن ، الحليف الأمريكي لا يقوم بأي خطوة كي يخفف من الضغط الذي يعاني منه الأردن نتيجة أوضاعه الاقتصادية المأساوية ، الحليف الأمريكي ضغط على الأردن لتسليم القاتل الإسرائيلي في السفارة الأردنية لإسرائيل متجاهلا الغضب الأردني و الاستهتار الإسرائيلي ، الحليف الأمريكي و عبر سفارته في عمان لا يهتم سفراءه إلا بالمناسف و الحصول على الهدايا و الأثواب المطرزة و لا يقومون بأي جهد سوى الإملاءات على الأردن هذا الحليف الأمريكي آن الأوان أن يضع الأردن حدا لاستهتاره به و آن الأوان أن يكون للأردن دور فاعل و مغاير تماما للدور الذي كان يلعبه في الماضي و حتى اليوم.
لقد طار الملك عبدالله الثاني إلى تركيا يوم أمس و كانت خطوة في الاتجاه الصحيح الأردنيون بغالبيتهم يأملون لو أن الملك يقوم بزيارات سريعة إلى موسكو و طهران و الدوحة و بدو تردد لأن المتغيرات سريعة و كثيرة في الإقليم و نحتاج إلى مواكبتها و الأردن معني بالحفاظ على مصالحة الوطنية قبل الإقليمية لأن الإقليم لم يعد موجودا على الصعيد العملي و بات مجموعة من المحاور و يبدو أن المحور الذي نحن فيه ليس هو المحور الصحيح و أن الشركاء فيه غير آبهين بنا و لا يهمهم أمرنا و غير مكترثين بما قد يحصل لنا.
إذا كان هناك من يخطط لجعل الأردن كسوريا أو اليمن أو ليبيا و أن يثير فيها النعرات فعليه أن يعلم أن كل قرى و مدن و التجمعات السكانية اليهودية في فلسطين العربية الإسلامية المحتلة كله و بدون استثناء على مرمى حجر أردني أو فلسطيني و أن الأردن و هذا كلام علمي عملي لمن يفهم المنطقة ويفهم الجغرافيا السياسية ، الأردن قادر على حماية نفسه بنفسه و قادر على مقاومة الجوع و الموت و أي عواقب من الحلفاء ، و الخوف اليوم على الأردن من حلفائه و ليس من خصومه و من له حلفاء مثل أمريكا و بعض الدول العربية الشقيقة فلا حاجة له بالأعداء ، الأردن و مصالحه أهم ألف مرة من المجاملات السياسية و التأدب في الخطاب السياسي و الدبلوماسي ، اليوم هو يوم وضع النقاط على الحروف العربية حتى تقرأ على القراءة الصحيحة السليمة التي لا تحتمل الخطأ.
لو أن الملك يفعلها و قد يفعلها فهو ممتلئ بالحكمة و حسن التقدير فإن زيارات لطهران و موسكو و الدوحة و لا بأس بدمشق أيضا ستجعل الأمور أنضج ، و علينا أن لا نقع في مصيدة الكلام الأمريكي المعسول و الوعود و الشبق السياسي الإسرائيلي و الأمريكي ، كل ذلك كذب في كذب و قد رأيناه مرارا و تكرارا في مصر و اليمن و العراق و لبنان و غيرها ، اليوم السلطة الفلسطينية لا تملك من أمرها شيئا و هي عاجزة تماما ، و فلسطين و المقدسات الإسلامية مسؤولية عربية بل ربما أردنية ، و ربما يكون القدر قد اختارنا لنسجل موقفا يدخلنا التاريخ من بوابة
المجد ، من بوابة من بوابات الله التي لا تغلق.
علينا أن لا نخاف على الأردن إذا ما وقفنا موقفا عربيا إسلاميا قويا ، و أمريكا وإسرائيل اضعف من أن تواجه حقا ، كوريا تستخف بأمريكا ، و تركيا تستخف بأمريكا و حماس تستخف بإسرائيل و حزب الله يستخف بإسرائيل و هما أهون عند الله من جناح بعوضة ، ربما يقول البعض أن هذا كلاما عاطفيا ن لكن الانتصارات تحتاج إلى رجال تملؤهم العفة و العاطفة و الرومانسية الوطنية والتوكل على الله و الذين يقولون أن الأردن ضعيف لا يعرفون معايير القوة الحقيقية و لا يقرؤون طبائع الأمم و الشعوب التي ألف فيها ابن خلدون مجلدات طويلة.