لماذا القدس أقرب للأردنيين
د. محمد عبدالكريم الزيود
07-12-2017 08:36 PM
لماذا هي القدس أقرب لنا نحن الأردنيين ، رغم أنها لا تبعد عن السلط وعمان أكثر من مسافة القلب إلى القلب، تشاهد أضوائها من مغاريب عمان، ولربما لو أنصتنا أكثر لسمعنا آذان مساجدها وأجراس كنائسها وصوت التسابيح، والقدس قبل أن تكون أولى القبلتين وثالثة الحرمين هي مهوى قلوب الأردنيين التي ما إنحرفت البوصلة عنها منذ خمسين عاما.
أجزم أن كل قرية أردنية لديها شهيد مدفون في القدس ، ذهب مع الذين قاتلوا من أجل فلسطين ، وحدهم الأردنيون دون العرب كانوا الأقرب لها ، فقد كان الأردنيون أول طلائع جيش صلاح الدين عندما حررها ، ومنهم من بقي هناك شهيدا أو ظل قائما لم يعود ، والجيش العربي هم من حافظوا على القدس إثر حرب عام 1948، ويشهد لنا التاريخ كيف تعامل القائد عبدالله التل حاكم القدس مع اليهود الذين إستسلموا له صاغرين ... وفي حرب 1967 ظل الجيش العربي يقاتل من شارع لشارع ومن مسجد إلى كنيسة ، حتى خذلتنا طائرات الأشقاء التي تساقطت كالذباب على وقع إذاعات الوهم العربي ، وهاهي أضرحة شهدائنا في بيوت المقدسيين وتحت زيتونها ما زالت للعيان ، يسمعون كل ليلة صوت الآذان ويستنشقون عبق ألف عام من التاريخ هناك ، ولجيشنا كل القصص والذكريات والبطولات في تل الذخيرة والشيخ جراح وجبل سكوبس وجبل المكبر وهداسا وبوابة مندلبوم.
معركة القدس اليوم للأردنيين هي معركة الوجود الفلسطيني وإعادة الحقوق لأصحابها ، وقد بذل الأردن على مدار خمسين عاما من الإحتلال كل جهوده للحفاظ على القدس، وأرغم العالم على الإعتراف بتلك الحقوق ، فقرارات الأمم المتحدة التي ثبتت الحق الفلسطيني ، الأردن هو من صنعها ، وما زالت لليوم الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة هي من تحافظ على المسجد الأقصى وقبة الصخرة والوقف الإسلامي هناك ، ولولاه لأبتلع العدو الإسرائيلي هذه الأماكن أمام الضعف العربي وأمام مسلسل التنازل الفلسطيني الذي يذهب وحيدا دون الأردن .
ستبقى القدس هي معركة الأردنيين ومهما طال الإحتلال ، فنحن نقرأ التاريخ جيدا ، والأردنيون لن يقبلوا بتهويدها حتى لو وقف العالم كله مع عدونا ، وحتى لو خذلنا الأشقاء والأصدقاء، فنحن أصحاب الحق ودم شهدائنا هناك لن نقبل به بديلا ، والأيام أطول من أهلها ، " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " .