كيث اليسون .. النموذج والحاضنة
19-02-2009 09:31 PM
تشعر اذا ما التقيت برجل بحجم كيث إليسون النائب الديمقراطي المسلم في الكونجرس الامريكي - ان المقال لن يسعف صاحبه ... ومهما حاولت ان تستحضر اللحظة بمخزونك المتواضع من المفردات والصور فلن يحضر منها - اي اللحظة - الا ملاحظات سجلت على ورق وبيانات مصمتة قيلت وانت في حضرة رجل نجح في كسر كل القوالب وفرض حساباته على معادلة صناعة القرار الامريكي.
لقد استطاع اليسون اول نائب مسلم في الكونجرس الامريكي ان يثبت للعالم ان العقيدة التي يؤمن بها الفرد ليست محددا اذا ما قرر ان يخوض غمار العمل العام ويخدم مجمتعه ،وذلك رغم اجتهاد وسائل اعلام واسعة الانتشار والتأثير في الولايات المتحدة والغرب في وصم الاسلام بالارهاب وتشويه صورته ووأد اية فرصة لمسلم ان يصل الى اي موقع متقدم في محاولة هدفها المباشر عزل اتباع هذه الديانة في الغرب وتحييدهم وتهميشهم .
الرسالة التي حملها اليسون في معركته الانتخابية هي التسامح والانفتاح على الاخر والالتقاء على القواسم المشتركة ونبذ العنف والحقد والكراهية مهما كان مصدرها ..وتمكن فعلا من الرهان على هذه القيم السامية لتحقيق طموحه وخدمة مبادئه ..
وما كان لأليسون ان ينجح وما كان للرئيس اوباما نفسه ان ينجح ايضاً لولا وجود حاضنة اعطتهما الفرصة واوصلتهما الى مراكز صنع القرار .. فلقد اثبتت المنظومة الامريكية (نظامها الانتخابي وبنيتها الاجتماعية والسياسية ) انها قادرة على افراز الافضل بصرف النظر عن خلفيته العقائدية في الوقت الذي لا ننجح فيه هنا في الاردن على سبيل المثال بافراز النخبة رغم انتماء غالبيتنا لديانة واحدة .. اي مفارقة هذه !
لا ندري الى متى سيظل حالنا معوجا ومنظومتنا القانونية ونهجنا لا يكفل دفع الاكفأ الى الصفوف الاولى ومتى سنتحرر من الاعتبارات غير الموضوعية التي تفرض ظلالها على صانع القرار ... متى سنتخلص من املاءات مراكز القوى في كل تشكيلة وزارية او تعديل ؟ومتى سنتتهي المحسوبية والواسطة ؟ومتى سنغلب المصلحة الوطنية على مصالح اشخاص وعائلات بات لهم كوتا ثابتة في كل مركز وموقع ؟
وحتى لا نذهب بعيداً في طرح المزيد من الاسئلة والاستنتاجات .. لا بد من المراجعة فلم يعد هناك متسع من الوقت للتردد في حسم هذه المسائل ..الولايات المتحدة خرجت من عزلتها بعد نجاح اوباما واشخاص مثل كيث اليسون وعادت لتتربع على عرش العالم بعد الاضرار والخسائر الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي لحقت بها ابان ولاية الرئيس بوش .وادرك شعبها خطورة التمادي في سياسة ونهج المحافظين الجدد الذي كاد ان يهزم هذه الامبراطورية ويقضي على حضورها ونفوذها في العالم . فهل نستطيع نحن ان نراجع نهجنا قبل فوات الاوان ...