قبل عدة سنوات حضرت مسرحية "تجريدية" لفرقة عربية اثارت الضجيج في المسرح لدرجة اني خرجت هربا من ذلك الضجيج، وعدت اليه لاسمع اراء النقاد حول الصخب والضرب على الطبول، وكان الناقد المسرحي الراحل المنصف السويسي من بين النقاد، حينها ابدى اعجابه باداء الفرقة المسرحية وطالبهم بالمزيد من الازعاج والقرع على الطبول والجنون حتى يستفيق الجمهور ويزيد تركيزه واستيعابه للرسالة التي ارادوا ايصالها له.
تذكرت تلك المسرحية عندما قرع ترامب طبول اذاننا، وفتح عيوننا تجاه قدسنا واعاد توجيه انظارنا واسماعنا الى قضيتنا المركزية، فادركنا بان المسرحية التي كانت امريكا بطلتها قد انتهت، وخلعت بعدها القناع الذي لبسته خلاله.
ترامب اعاد توجيه بوصلتنا نحو قضيتنا المركزية ورفع من تطرفنا في عشق قدسنا، وضغط باصبعه على الزر النووي الذي سينفجر في وجه سياسته، واعلن بقراره عن بدء العد التنازلي لنهاية احلامنا بخيار السلام، وبدء العد التصاعدي نحو نهاية دولة الظلم والقتل والارهاب.
نحن نحتاج لمن يستفزها ويذكرنا بقضيتنا ويرفع من منسوب غضبنا تجاه استمرار احتلال ارضنا ومقدساتنا وقبولنا بهذا الاحتلال والاعتراف به.
وليس المشكلة بنقل سفارة الدولة راعية للاحتلال من ارض محتلة الى اخرى اسيرة، فكل فلسطين ارض مقدسة وعاصمتها القدس ان لم تكن القدس عاصمة العالم الحر، بل المشكلة في الدور الذي لعبه كومبارس المسرحية على شعوبهم وتركوها تعيش وهم خيار المفاوضات لاحلال السلام المنتظر برعاية البطل الامريكي.
شكرا لترامب الذي ازال مرة اخرى القناع عن وجه امريكا البشع، وكان ذلك المجنون الذي القى في البئر حجرا، لكننا لن نكون بحاجة لعقلاء هذه المرة لاخراجه بل لمجانين امثاله يتبعوه وسياسته بالحجر.