القدس عروس عروبتنا
اللواء المتقاعد مروان العمد
07-12-2017 11:22 AM
منذ ان أعلن رئيس الولايات المتحده الامريكيه عن عزمه الأعتراف بالقدس عاصمه لأسرائيل والتوقيع على قرار نقل السفارة الامريكيه الى القدس . ومنذ ان أخذ يتصل بمجموعه من الزعماء العرب لكي يبلغهم بقراره هذا وانا اتابع كل موقف وكل تصريح يصدر من مسؤول من هنا او هناك سواء من دوله عربيه اواسلاميه او دوليه وأجمع ابرز اقوالهم ومواقفهم . وأخذت في متابعه الأخبار وما يرد فيها وكذلك ما ينشر على الفيسبوك والواتس أب . واتابع المقالات التي تكتب حول هذا الموضوع ولم اترك مقاله الا وقرأتها . ووجدت ان كل ما يمكن ان أقوله قد تم قوله من استنكار وشجب واحتجاج وتهديد ووعيد والتماس وتودد وحتى تذلل ولم يبقى في قاموس اللغه كلمات لم تقال .
وأخذت انتظر ساعه الحقيقيه ، ساعه ان أطل علينا دونالد ترامب بشخصيته الكرتونيه وكأنه ممثل على مسرح هزلي وكانت تعبيرات وجهه تعبر عما بداخله من احساس بالنصر والبطوله وبأنه فعل ما لم يستطع ان يفعله غيره من الرؤساء الأميركيين منذ عام ١٩٩٥ عندما صدّق الكونجرس الامريكي على قرار يسمح بنقل السفارة الامريكيه من تل أبيب الى القدس ، الا ان جميع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين قد تجنبوا تنفيذ هذا القرار عن طريق توقيع وثائق كل سته أشهر تقضي بتأجيل تنفيذ هذا القرار لكون القدس منطقه متنازع عليها وفِي مسعى منهم ان يكون تنفيذ ذلك مربوط بالحل السلمي للقضيه الفلسطينيه مع انهم جميعهم وأثناء حملاتهم الانتخابيه كان نقل السفارة من ضمن برنامجهم الانتخابي .
وترامب الذي اثبت حتى الآن انه يفي بجميع وعوده الانتخابيه بغض النظر عن عدم منطقيتها وعقلانيتها اوعدالتها فبعد ان أوفي بوعوده بالاستيلاء على المال العربي وبعد ان أشعل نيران الفتنه في دول الخليج العربي ، وبعد ان نجح بوعده بعدم السماح لبعض رعايا الدول الاسلاميه من دخول بلاده وان كان ذلك بعد معركه قضائية عندما وافقت المحكمة العليا الامريكيه على التطبيق الكامل لمرسومه التنفيذي الذي يتضمن ذلك ، وبعد ان نجح بأقرار مشروع الإصلاح الضريبي في الولايات المتحده الامريكيه كما وعد في حملته الانتخابيه وهاهو يستعد للأنقضاض على قانون الرعايه الصحيه الذي تم إقراره على عهد سلفه اوباما ، فقد اتجهت نيته الى تنفيذ وعده بنقل سفارة بلاده الى القدس مع مخالفه ذلك لكل الاعراف الدولية والانسانيه والعداله ولكي يسجل انه أول رئيس أمريكي يفعل ذلك مثلما ان الرئيس الامريكي هاري ترومان اول من اعترف بأعلان دوله اسرائيل .
وهذا يفسر تعبيرات وجهه وحماسته وهو يتحدث في كلمته الليله ويعلن بكل فخر انه سوف ينفذ وعده بنقل السفارة الى القدس عاصمه اسرائيل التاريخيه والتي بناها اليهود وان المسجد الأقصى مبني على جبل الهيكل كما قال ، وان من حق كل دوله ان تختار عاصمتها بنفسها وان قيام أمريكا بنقل سفارتها الى القدس جاء متأخراً سبعون عاماً . وقال ان الرؤساء الامريكيين الذين قبله لم ينقلوا السفارة حتى لا يؤثر ذلك على عمليه السلام في المنطقه ، ولكنهم لم يحققوا السلام ولم ينقلوا السفارة ، وانه هو سينقل السفارة وسيحقق السلام وان الاعتراف بحق اسرائيل في ان تحدد مكان عاصمتها هو شرط للسلام . ثم حاول ان يسوق قراره بتأكيد التزامه بألوصول الى تحقيق الىسلام بين الفلسطينين والاسرائليين وانه سوف يوفد نائبه للمنطقه للعمل على ذلك ، وان سوف يوافق على حل الدولتين اذا وافق عليه الطرفان .
وبعد ذلك عن اَي سلام يتحدث ولماذا سيوفد نائبه الى المنطقه بعد ان رهن حل الدولتين الذي يحظى بدعم من غالبيه دول العالم بموافقه اسرائيل الرافضه له بالمطلق . ثم لم ينسى ترامب من ان يتشدق ويقول ان هذا القرار لن يمس الحقوق الدينيه لاصحاب الديانات جميعها في القدس بوعد يشبه ما ورد في وعد بلفور من حيث المحافظة على حقوق الأقليات في فلسطين . ولم ينسى في النهايه ان يدعو لتغلب الوسطيه والاعتدال وان يعلوا صوتهما في المنطقه ، في اشاره منه الى ان من يعترض على ما يقوله يبتعد عن الوسطيه والاعتدال ويتحول الى التطرف .
و السؤال الآن هل لم يكن ترامب يتوقع ردات فعل سلبيه فلسطينيه وعربيه واسلاميه ودوليه على قراره هذا أم انه كان يعلم ولم يعره اَي اهتمام ؟ . وهل صحيح ان ما قام به كان بصوره مفاجئه وانه قام بأبلاغ بعض الدول المعنيه بما فيها السلطه الفلسطينيه بما ينوي ان يفعله قبل ساعات من قيامه بذلك بهدف شرح خطوته وطمئنه الأطراف المعنيه على ان ذلك لا يغير الوضع الحالي أم انه ما كان ليقوم بذلك الا بعد موافقات صريحه او ضمنيه سابقه من البعض ؟ . وهل من الممكن ان تجعله هذه الانتقادات التي صدرت على هذه الخطوه من أطراف دوليه مثل الأمين العام للأمم المتحده ورئيسه وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي وبابا الكنيسه الكاتولوكيه وغيرهم كثير ان يغير موقفه ؟ . وهل من الممكن ان ينجح مجلس الأمن بأتخاذ قرار ضد ما قام به وهو يملك حق النقض ؟ وهل أخذ بعين الاعتبار التحركات الجماهيريه على امتداد الوطن العربي بمسلميه ومسيحيه بالاضافه الى كافه الدول الاسلاميه التي من الممكن ان تندلع في المنطقه ضد قراره وما قد يرافقها من اعمال عنف قد تطال مواطنين امريكيين او مصالح امريكيه او انه لم يحسب حسابها ؟
والجواب على ذلك انه قام بما قام به وهو يعرف ما سيوجهه من ردات فعل ولكنه شخص يعمل ما يريده دون التفات الى ردات فعل غيره وموقفهم.
وهو يعلم انه مهما كانت مواقف الدول الغربيه والمنظمات الدولية فأنها لا يمكن ان تذهب في معارضتها له الى درجه قطع الحبال معه من اجل عيون العرب والمسلمين . وهو يعلم ان الدول ألعربيه والاسلاميه بغض النظر من حقيقه مواقفها الا انها ستكون عاجزه عن اتخاذ قرارات موحده ضد بلاده. كما انه يعلم ان الحركات الجماهيريه الاحتجاحيه مهما اشتدت حدتها وكثرت خسائرها وحتى وان طالت رعايا اميركيين او مصالح اميركيه فأنها مصيرها ان تعود للهدوء وان نعود لنقول ان القدس ستبقى عاصمه للدوله الفلسطينيه وأننا لن نتخلى عنها وان النصر آت ان شاء الله وان القدس ستظل عروس عروبتنا.
وانا أقول لكم هل حقاً ستبقى القدس عروس عروبتنا ؟ وهل حقاً نسعى لتحريرها ونحن مشغولين في قتل بعضنا وشتم بعضنا وتكفير بعضنا والتآمر على بعضنا، ونحن على هذا المستوى من الضعف والتفرقه والذل والهوان والتخلي العربي عن الاْردن الذي ما تخلى عن واجباته اتجاه القدس. بل هل فعلاً القدس هي عروس عروبتنا وهل بقي لدينا عروبه لتكون لنا عروس.