أستطيع القول إنه أكثر مخلوق تائه في الكون - بعد المواطن العربي طبعاً - فلا هو يمشي على اثنتين ولا يمشي على أربع، محتار بين البياض والسواد، اسمه طائر لكنه لا يطير، لا يستطيع العيش في الماء ولا البقاء في اليابسة هو بين بين في كل شيء.. عن طائر البطريق أتحدّث.
تقول الطرفة: هل تعلم إن البطريق يعدّ من الطيور لكنه لا يطير، وبالرغم من انه يعيش في المحيط المتجمّد الا انه لا يحظى بالفرو، فيكاد يكون الكائن الوحيد في المحيط المتجمد الذي يمشي عارياً على الجليد، هذا الطائر المسكين إذا وقف على الشاطئ أكلته الفقمة، وإذا نزل في الماء أكله القرش، وإذا ضاع على الجليد أكله الدب، هذا المخلوق المنحوس ينقصه أي جنسية عربية حتى تكمل معه.
الأمة العربية كذلك لا هي في العالم الثالث ولا هي في العالم الثاني، غير قادرين ان نكون قوة اقتصادية ولا نحن محسوبين كقوة سياسية، اسمنا دول لكن لا نملك قراراتنا المستقلة، وبالرغم أننا نعيش في منطقة صراعات ملتهبة الا أننا لا نحظى بصناعة عسكرية ولا نملك السلاح النووي، إذا وقفنا على شاطئ النمو والوفرة الاقتصادية أكلتنا أمريكا، وإذا نزلنا في حروب إقليمية أكلتنا روسيا، وإذا ضعنا على جليد الخلافات العربية والحروب الأهلية أكلتنا إيران «كلما تسقط دولة تلتقطها إيران.. مثل الضباع تفضّل فريستها ميتة»، ومع ذلك إذا هربنا من الثلاثي المفترس ابتلعتنا «إسرائيل».. لذا كلما شاهدت طائر البطريق في الأفلام الوثائقية تنهّدت وقلت له كم تشبهني يا صديق «قلبك أبيض» وظهرك متفحم من الحروب، جناحاك القصيران لا يسعفاك في التحليق، ولا يكفياك للتجديف من الغرق.. فرص عيشك مرهونة بصراع الآخرين.. ان تصارعوا سلمت، وان تصالحوا أُكلت..
لذا أؤيد بشدّة أن يكون هذا الطائر «رمزنا» العربي الذي يرفرف فوق أعلامنا بدلاً من «الدلّة» والنخل والقمح حتى النسر و الصقر والعقاب وحمامة السلام يحملون مصائر لا تشبه مصائرنا..
سلام أيها الشقيق، سلام من أمة البطريق!.
الرأي