سياسي يمني يكشف أسرار اللحظات الأخيرة لمقتل "صالح"
06-12-2017 12:31 PM
عمون - تحدث قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام باليمن عن اللحظات الأخيرة في حياة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مؤكداً أنه لم يهرب وبقي يقاتل حتى أعدمه الحوثيون بأمر من زعيمهم عبد الملك الحوثي.
ووفقاً لوكالة الأناضول للأنباء، التي نقلت عن القيادي دون أن تعلن عن هويته، فإن احتفالات الحوثيين بالنصر ومقتل المخلوع صالح بدأت ليل الأحد الماضي، لكن الخبر لم يُعلن إلا ظهر اليوم التالي.
ويضيف القيادي أن صالح قرر القتال مع المئات من القوات الموالية له، في منزله "الثنية" بحي الكميم في الحي السياسي، جنوبي العاصمة صنعاء، في وقت كان المسلحون الحوثيون يتقدمون بدباباتهم وعرباتهم المدرعة نحو المنزل.
وفي المربع السكني، الذي لا تتجاوز مساحته 3 كيلومترات، بدا الرجل ببندقيته، أحد المقاتلين الميدانيين المخضرمين.
كانت المدفعية الثقيلة والدبابات تضرب بعنفٍ أسوار المنزل والمنازل المحيطة به، وكان العشرات من حراسة صالح الشخصية الذين يقاتلون بالرشاشات يسقطون قتلى، واحداً تلو الآخر، حسبما يفيد المصدر.
ومع مرور الساعات، كان الحوثيون يضيِّقون الخناق على المنزل أكثر فأكثر، بإسنادٍ كثيفٍ من الدبابات وصواريخ الكتف، في وقت كان العشرات من حول صالح يستميتون في الدفاع عن معقلهم الأخير.
كان المنزل المشهور بـ"بيت الثنية"، الذي بناه صالح عقب توليه الرئاسة في عام 1978، يقي العشرات من المقاتلين من ضربات المدفعية، لكن مع اشتداد القصف أيقنت حراسة صالح أن المنزل لن يصمد كثيراً، وفق المصدر.
فالمنزل الذي قصفته مقاتلات التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، في 9 مايو 2015، وأصبح متداعياً، كان يتعرض للعشرات من القذائف في الدقيقة الواحدة.
وبحسب القيادي في الحزب، فإن الحوثيين كانوا يُحكمون الحصار على آخر المنازل المحيطة بمنزل صالح، وفرضوا عدة أطواق أمنية، في حين كانت الدبابات ترسل قذائفها باتجاه القلعة الأخيرة لصالح.
وقال: "بموازاة ذلك، كان المئات من المسلحين الحوثيين يقودهم عدد من القيادات الميدانية، يُعتقد أن القيادي البارز أبو علي الحاكم (رئيس الاستخبارات في حكومة الحوثيين) كان أحد قادة الهجوم".
ورغم شراسة الهجوم، كان حراس صالح يشكِّلون حائط صد منيعاً. إثر ذلك، سقط العشرات من الحوثيين قتلى، لكن نقطة التحول في سير المعارك كانت مقتل قائد المقاومة في المنزل، العميد طارق صالح، نجل شقيق صالح.
في جامع المنزل، اصطف صالح مع الأمين العام لحزبه (الجناح الموالي له بحزب المؤتمر الشعبي) عارف الزوكا وآخرون للصلاة على جنازة طارق، والأخير كان مضرَّجاً بدمائه، طبقاً للمصدر.
بعد أقل من نصف ساعة، أُصيب شقيق طارق، العقيد محمد صالح، بشظيةِ قذيفة، إلى جانب العقيد أحمد صالح الرحبي، الحارس الشخصي لصالح.
بدأ خط المقاومة بالانهيار، مع مقتل قائد المقاومة طارق ونائبه محمد، ووقتها تجاوز المسلحون الحوثيون أسوار المنزل، وسط مقاومة شرسة من صالح، الذي كان ما يزال يرتدي بزته المدنية، بالإضافة إلى حراسه المعدودين.
استمرت المعارك إلى فصلها الأخير، واقتحم المسلحون الحوثيون المنزل الذي كان يصطف أمامه العشرات من الحراس قرابة 4 عقود. وللمرة الأولى، كان المسلحون بسحنتهم القبلية يقفون أمام المشير الذي كان جريحاً، وتنزف منه الدماء بإحدى ردهات المنزل، وفق حديث المصدر.
وأضاف: "بدأ المسلحون الحوثيون في توجيه إهانات لفظية لصالح، واعتدوا عليه بالضرب، في حين كان هو خائر القوى أمامهم؛ ولذلك أظهرت الصور التي أوردها الحوثيون، آثار تعذيب وكدمات على وجهه، وخاصة جمجمته".
وتابع: "كتَّفوا يديه ورجليه إلى الخلف والدماء تنزف منه، وبدأ القائد الذي اقتحم المنزل بإجراء اتصال مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وبعد حديث مقتضب بين الاثنين، وجَّه الحوثيُّ القائدَ الميداني بإعدام صالح".
وأضاف: "وجَّه أحد المسلحين السلاح إلى رأسه، وأطلق عليه النار".
وبحسب المصدر، فإن "الحوثيين أجّلوا إعلان مقتل صالح إلى اليوم الثاني، بعد أن نفذوا مسرحية هروبه إلى مديرية سنحان ومقتله هناك؛ لكي يظهر لأنصاره أنه كان يريد التوجه إلى مأرب، والالتحاق بالقوات الحكومية".
وكان الحوثيون قد نشروا معلومات بأن صالح قُتل مع عارف الزوكا وحراسه الشخصيين، وهو يحاول مغادرة صنعاء، باتجاه مديرية سنحان مسقط رأسه، في منطقة الجحشي (48 كم جنوبي صنعاء).
كما روّجوا لاتصال هاتفي بين شخصين من القرية؛ أحدهما يؤكد أن "الحوثيين اعترضوا موكبه، وأطلقوا عليه النيران هناك". ومن بين الشهود على اللحظات الأخيرة لصالح، كان الزوكا، الذي أُصيب هو الآخر خلال عملية اقتحام المنزل، وجرى نقله من قِبل الحوثيين إلى مستشفى 48، جنوبي العاصمة صنعاء.
ووفق المصدر، "هناك في المستشفى، صفّى الحوثيون الزوكا؛ لكونه كان شاهداً على تفاصيل كل ما حصل".
وأضاف أن الحوثيين نقلوا أيضاً العقيد محمد صالح والعقيد الرحبي إلى المستشفى الألماني شمالي صنعاء، وبعد تقديم الإسعافات اللازمة لهما، تم أخذهما من قِبل الحوثيين إلى منطقة مجهولة.
ورجح المصدر وفاة الرحبي؛ لكون إصابته كانت خطيرة.
وعن أبناء صالح الذين كانوا معه، قال المصدر: "كان هناك اثنان من أبناء صالح معه في ساعاته الأخيرة، هم ريدان النجل الأصغر، وجرى خطفه من قِبل الحوثيين، في حين لا يزال مصير صلاح مجهولاً حتى اللحظة".
وأضاف: "وزير الداخلية بالحكومة التي كانت مشكَّلة بين الحوثيين وصالح، اللواء محمد القوسي، أيضاً ما يزال مصيره مجهولاً، في حين أن العشرات من الجثث كانت تملأ المكان".
وطبقاً لرواية المصدر، فإنَّ من تبقى من حراسة صالح الذين كانوا على قيد الحياة في الهجوم، جرت تصفيتهم بالكامل من قِبل المسلحين الحوثيين، في المنزل الذي كان شاهداً على نهاية حقبة زمنية من تاريخ اليمن الحديث.
وحتى اللحظة، ما تزال جثة صالح مع الحوثيين، ووفق مصدر آخر في حزب المؤتمر، فإن الحوثيين اشترطوا عدم تشريح الجثة مقابل تسليمها، كما اشترطوا أيضاً عدم الإعلان عن موعد دفنِ صالح، وألا تكون جنازته شعبية، بحيث تقتصر فقط على أقاربه.
وقال المصدر إن الحوثيين اشترطوا أيضاً عدم دفنه في حديقة جامع الصالح بصنعاء، خلافاً لوصية سابقة له، وفقاً لـ"الأناضول".