أحب المطر... ولكنه يخيفني... صوت قطراته على الزجاج تعيد ذاكرتي لذلك اليوم... يوم قطف القدر نرجستي... رغم هروبي المستمر إلى قاعدة التناسي... إلا أنني افشل...
وتأتي الرياح... لتطرق على زجاج نافذتي... كأنها تريد إخباري بأنه قادم... قادم مع المطر
أهرع إلى نوافذ المنزل وأفتحها جميعها... ابحث عنه... أناديه... فيمتلئ وجهي بقطرات المطر لأصحو... وأتذكر بأنه ليس هنا... فقد رحل... وتركني وحيدة... في يوم يشبه هذا اليوم غادرت روحي جسدي لتختبئ وراء الغيوم... هناك في السماء... قرب النجوم... والجسد... سرقه التراب وسرق قلبي معه... آآآآه يا تراب لو أنك تستطيع الكلام لتجيبني على أسئلتي.. صمتك يقتلني يا تراب... فبين ضلوعك شمعتي... لماذا أطفأتها وغطيت نورها عني... نورها الذي كان ينير طريقي... نورها الذي أحاول استعادته كلما ذهبت لزيارة المنزل الذي يمتلئ بأنفاسه... لعلي التقت واحدا منها.. فهي مزروعة في كل ركن فيه...
أذهب هناك واكسب حنانا من الحضن الذي حمله ورباه... أذهب لأجلس في غرفته... أنصت إلى الجدران فيأسرني صدى ضحكاته التي كانت تملئ أرجاء المنزل...
صفاء وجهه لا شمس ولا قمر... صفاء وجهه نور يطل علي في كل مكان... وفي كل وقت
وصوته يرن في أذني كلما اقتربت من ربوع السلط التي يحب... أجل فمن هناك أتى والى هناك عاد... حيث النرجس... وبستان حبنا... الذي يسقى من روحه كل شتاء عندما تبكي الغيوم.
أعود لأيامي وأهرب إلى كل الوجوه... ابحث عنه بينهم وفيهم فلا أجده... فأغمض عيناي أستحضره وأحادثه... فتهدأ روحي
تمر علي ذكراه كل يوم كعاصفة من ضوء... يوصيني خيرا بأمه... فأسأله عن سر رحيله...
لماذا تركتني؟؟
وعدتني بأن تكون لي وأكون لك... لماذا لم تفي بوعدك... آسفة حبيبي لست معاتبة... أعلم أنه رغما عنك... ولكنك ذهبت... دون أن تقول كلمة وداع واحدة... ربما لأنك تعلم أنك ستزورني كل يوم
فعند كل صلاة فجر... أحس بطيفك فوق رأسي... تمسح بيديك الطاهرتين على شعري... فانهض لأصلي وأدعو الله .... أن لا يفقد أحد عزيزا عليه