يقول الجنرال ضياء الحق رئيس باكستان الاسبق الذي كان صديقاً للامريكان وقتل بتفجير الطائرة العسكرية التي كان يستقلها : " صداقة الامريكان مثل تجارة الفحم ، تتسخ يداك ، ثم لا تلبث ان يسود وجهك " ولعله ابلغ قول لا بلغ جنرال في العصر الحديث .
أفضل صداقة للامريكان ما كان منها لحماية مصالح الدولة ، فيحق فيها القول " انها شر لا بد منه ". واخسرها ما قام منها بنية ادامة الامساك بالسلطه. وفي الحالتين السعيد من لم يكن بحاجة اليها .
لا اغواء في الحياة يماثل اغواء السلطه . وقد قال في ذلك الحكماء الذين استلهموا التجربة التاريخية " ليس الزاهد من لا يسعى للوصول الى السلطه ، لكنه من زهد بها وهو يملكها " . وقالوا اكثر من ذلك "ان معظم الابطال انما ظلوا ابطالاً لانهم تقاعدوا او ماتوا قبل ان يبلغوا السلطه " .
شرعية السلطة اهم حافظ لها ، وهي العاصم لها من العسف والطغيان . واطهر الشرعيات ما كان منها عقدياً قائماً على التعاقد بين الحاكم والمحكوم . وتمثلها اليوم الديمقراطيات الحية فهي الوحيدة التي يظل الحاكم فيها موظفاً في خدمة الدولة برتبة رئيس .
ومن بين الشرعيات الشرعية الانجازية السلوكية المكتسبة من انجاز الحكم وسلوك الحاكم . وفيها رأي للامام زيد ابن علي ( زين العابدين ) بارك فيه خلافة أبي بكر وعمر خروجاً عن رأي غالبية فقهاء اخواننا من الشيعة وذلك لانجاز قدماه وعدل اتبعاه . ورأي آخر لسفيان الثوري عن خلافة عمر ابن عبد العزيز وقد قال في ذلك " اخذ عمر الخلافة بغير حقها ، ثم استحقها بالعدل " .
اختلاط الامارة بالتجارة باعث آخر للتعسف يظهر اسوأ ما في السلطه ، فيجعل من اصحابها طلاب سلطة بأي ثمن ، يسلطون حرابهم على كل من وقف في طريقهم مذكراً ومنبهاً . وعن هؤلاء السلطويين والمتسلطين قال غاندي : " في البداية يتجاهلونك ، ثم يسخرون منك ، ثم يحاربونك ، ثم تنتصر".
اختلاط الامارة بالتجارة باعث ايضاً لاغواء السلطة وسطوتها . فخطر التجارة فتاك وشديد ، وقد قيل فيها " لاشيء غير التجارة يدفع عدوك ان يبيعك سلاحاً وهو يعلم انك سوف تحاربه به" .
لا يسوق الدول للحروب غير الامارة والتجاره . والحروب هي اسوأ ما يقترفه بنو البشر من اثام . حتى نظر اليها كأمكر عدو للمبادىء . فالمبادىء التي تجبرك على الحروب هي اول ما تضحي بها لكي تخرج منتصراً من حربك .