قبل ايام قليلة رحلت عنا دون وداع "شادية" المطربة العربية المصرية صاحبة الصوت الرخيم الشجي واجمل اغانيها لدي (قولوا لعين الشمس ما تحماشي..)..!
تمر بعد ستة اشهر الذكرى الواحدة والخمسون ( لهزيمة) حزيران .. نعم إنها "هزيمة" و ليست "نكسة" كما سماها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ليخفف من وقع هذه الهزيمة الكبيرة..، فقد قُدرت مساحة الأرض التي احتلها العدو الإسرائيلي (خلال ستة أيام و قيل خلال ست ساعات) أربعة أضعاف ما كانت عليه (اسرائيل) قبل الخامس من حزيران 67 (كل فلسطين و الجولان و سيناء
بعد ستة أيام ليس غير جلست اسرائيل بجيشها و رايتها الزرقاء الكريهة في الجولان فوق دمشق و معها كل هذا الجولان الجميل، كذلك اتسعت خاصرة العدو بعد احتلاله للضفة الغربية وقلبها القدس عاصمة فلسطين وانتشار جيشه على امتداد نهر الأردن و بعيداً عن عمان خمسة و أربعين كيلومتراً ليس غير إضافةً الى احتلال سيناء و بعيداً عن القاهرة اقل من مئة كيلومتراً كما ضُمت القدس الشرقية الى الدولة العبرية و أُعلن هذا الانضمام قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي (عوزي ناركيس) و بجانبه كان يقف دايان و رابين و اشكول و هم ينشدون: ليشل ساعدي ولتقطع يميني وليلتصق لساني في حلقي ان نسيتك يا اورشيلم !!!
كفى...
لا أُريد أن ازيد في وصف حالة انكسارنا و خيبتنا في تلك الأيام الحزيرانية الحزينة جداً. و إمعاناً في السخرية الإسرائيلية من العرب.. و جيوشهم لم تمل إذاعة العدو و خلال ايام الحرب الستة و شمسها الحزيرانية اللاهبة من تكرار أُغنية عاطفية معروفة و مشهورة لمطربة عربية رقيقة هي (شادية) و الأغنية تقول: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي لَحْسن غزال البر صابح ماشي...)
و هدف عدونا من تكرار اذاعة هذه الأغنية الجميلة ليس مناشدة الطبيعة ان ترأف و تخفف من حرارتها و تلطيف الجو على جنودنا العرب المهزومين و التائهين في الصحراء و الوديان و الشعاب و الأغوار بعد انسحابهم مهزومين من ميادين القتال .. ،و إنما الإمعان في السخرية الشديدة من العرب.. جميع العرب من المحيط الى الخليج ..!؟.
و أغنية (قولوا لعين الشمس ..) التي أخرجها العدو الإسرائيلي من عباءتها الوطنية و القومية العربية تتحدث عن (محكمة دنشواي) في عهد الاستعمار البريطاني لمصر العام 1910 و التي صدرت عنها احكام قاسية منها الإعدام و الأحكام المؤبدة و الجلد ..و كل هذه الأحكام نُفذت في شبان مصريين اعمارهم دون العشرين في يوم حزيراني شديد الحرارة و في قرية دنشواي المصرية نفسها.
و بعد أكثر من مئة عام لواقعة (دنشواي) المجيدة و انتصاراً لفلسطين و الشعب الفلسطيني و في يوم النكبة 15 ايار .. و الهزيمة 5 حزيران صَدحَ مرة أخرى ثالثة صوت شادية الشجي لنفس الأغنية: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي..) في ميدان التحرير بالقاهرة و على صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك و التويتر..) و من خلف شادية رددت الملايين في مصر و وطننا العربي الكبير هذه الأغنية الرائعة الجميلة ... مع هتاف : (الشعب يريد تحرير فلسطين.(.!
كل عام .. و في المناسبتين 15 ايار و 6 حزيران تهتز حدود اسرائيل (الهشة) ، شبان و شابات فلسطينيون و عرباً يدقون أبواب فلسطين من جميع الجهات في الشمال و في الشرق و في الجنوب بعضهم يستشهد و بعضهم يُجرح و آخرون وصلوا الى الديار في يافا و حيفا و عكا والناصرة وبئر السبع و القدس.. رغم تهديد ووعيد نتنياهو .
يبقى سؤال ..
و بعد نحو سبعين عاماً من نكبة 15 ايار و وواحد وخمسين عاماً من هزيمة 5 حزيران : (لماذا هُزمنا ..!؟) في الموقعتين ، الإجابة انتظرناها طويلاً و نرفض في هذه المرة الإجابات الناقصة و غير المقنعة ، ما نريده الأجوبة الكاملة و المقنعة ..الآن و نحن نعيش ما يسمى زمن " الثورات " العربية التي ادارت ظهرها لفلسطين .. و الوحدة العربية..!!
odehaodeha@gmail.com