هكذا يكون العظماء وهكذا يتصرف الحكماء ، عندما يكابر بعضهم بالمحسوس بالقول كله تمام ياصاحب الجلالة ، فياتي الرد صادقا صدوقا من صاحب الجلالة ، بتواضع عظيم وبداهة قل نظيرها وشفافية قلما نجدها الا عند القادة الملهمين ،- لا ليس كله تمام - ، نعم يانصير الفقراء وحبيب الضعفاء ، ليس كله تمام . اذا كان يعتقد المنعمون والمترفون من ابناء شعبنا بان الامور كلها تمام ، في محاولة لاسترضاءكم وتزيين الامور امامكم ، وليظهروا لنا بانهم يقومون بواجبهم على اكمل وجه وانهم جالوا البلاد واختبروا العباد وتفحصوا الوطن شرقه وغربه ، شماله وجنوبه ووجدوا انه كله تمام ، ولا ينقص الوطن والمواطن الا شهادتهم المجروحة، وثناءهم الممجوج ، مؤثرين الرخاء والنوم المريح على الوثير من مقدرات الوطن والمواطن . سيجدون منكم الرد الصريح والقول الصحيح ، الذي لايتوارى خلف الكلمات الرنانة والديباجات المزركشة . ليشحذ الهمم ، ويجدد العزم ، للعمل والاخلاص في العمل والقول معا ، نحو بناء وطن كريم لمواطن كريم . يستحق العيش الكريم ، في ظل ملك كريم .
ليس هذا تزلفا ولا تملقا ، لاننا خبرناك ياصاحب الجلالة ، تستشعر الواقع ، وتعنى ماتقول ، وعرفناك كيف تكون بيننا ، بين الفقراء والضعفاء والمعسرين ، تواسي الفقراء وترفع الضيم عن الضعفاء ، وتربّت باياديك البيض على كتف المعسرين المنهكين من عناء العيش ومكابدة الحياة .
نعم قد يكون الوضع كله تمام لاصحاب الياقات البيض ، والمترفين . لكنه ليس كذلك عند شعبنا المتعب من مثل هؤلاء وغيرهم ممن لايالون جهدا في شحذ همم جيوبهم وزيادة مكتسباتهم ومياوماتهم على حساب الوطن والمواطن ، ولم يتنبهوا الى ان مثل هذه التمام لاتمر بسهولة على الامين المؤتمن ، حيث يهم هؤلاء بتصوير الوضع كما يحلوا لهم لا كما هو الواقع الذي نعيش .
فاين التمام ايها المطمئنون الى جيوبكم والمسترخين على مناصبكم الوثيرة تلوكون الكلمات دون ان يكلف احدكم خاطره لمعرفة معناها او التحقق من فحواها .
نعم ليس كله تمام ، عندما يفيق الموظف على خواء جيبه في منتصف الشهر فيمتشق الديون في سبيل تامين ضرورات الحياة اليومية .
نعم ليس كله تمام عندما تدخل بيوتا مازالت ترقب العيد تلو العيد حتى تاكل من نعائم الله مايجود به المحسنين .
نعم ليس كله تمام ، عندما نجد ممن هم بين ظهرانينا ، يسكنون العراء ويتلحفون السماء بحثا عن بيت يأويهم . ورزق ياتيهم .
كله تمام كلمة لم تكن لتقنع الصادق الصدوق بما يجول في خاطر المواطن البسيط المسكين ، الذي يرقب كلمة صادقة صدوقة من قائده الامين المؤتمن ، حين رد بعفوية وثقة ومعرفة لما يجري - لا ليس كله تمام - .