الخبز بين الحكومة والنواب
عصام قضماني
05-12-2017 01:40 AM
تباين تعامل الحكومات مع دعم الخبز, بعضها لم تقترب منه وبعضها رفضت الفكرة وأخرى إعتبرته خطا أحمر حتى أن رئيس وزراء أسبق إعتبر بيع الخبز للمقيمين بأسعار غير تلك التي تباع للأردنيين لا أخلاقي!.
لم تنظر أي منها الى الملف بإعتباره قضية إقتصادية فالتسييس كان دائما حاضرا, ولعبة شد الحبل كانت دائما تقوم على عواطف الناس والتجاذب فيها حمل عنوانا واحدا فقط وهو لقمة عيش المواطن .
الرغيف المعني بالقضية لا يستهلكه سوى 15% من المواطنين وموضوعه و المماحكات تمضي قدما في تحويل قضية إقتصادية الى معارك سياسية والملف أصبح منصة جديدة للهجوم فيما تتواصل لعبة تسجيل الأهداف وقصة الموقع الإلكتروني هي عنزة ولو طارت .
هناك من سيقول أن فرق الدعم في الخبز ليس كبيرا وهو قابل للإستيعاب بتدوير بنود أخرى في الموازنة أو عبر ترشيد النفقات وما الى ذلك , وهو صحيح , لكن المسألة لا ترتبط بمبالغ مالية بقدر ما ترتبط بسياسات تتحدد على أساسها الإتجاهات الإقتصادية التي تعنى بدعم المواطن المستحق .
نصيب الفقراء من دعم الخبز بوضعه الراهن 13.6% ، مقابل 11.4% للطبقة الميسورة , وهي أرقام يمكن إستيعابها فعلا حتى لو تلقت الشريحتان دعما نقديا مباشرا , لكن ماذا عن 3 ملايين مقيم ويشكلون 35% من السكان ويقدر استهلاكهم 40% من قيمة الخبز، وهناك هدر قيمته 10% بالحد الادنى واساءة استخدام 15% من خلال بيعه واستخدامه لغايات الاصناف غير المدعومة وبالتالي تذهب ما نسبته 65% لغير الغاية المدعوم لاجلها وتبقى ما نسبته 35% للاردنين بمبلغ يقدر 40 مليون دينار فقط من اصل 120 مليونا.
قيمة الدعم المتوقعة لهذا العام تقدر بـ120 مليونا وهي مرتبطة بسعر القمح زيادة او نقصانا الحكومة تشتري طن القمح بـ230 دينارا وتبيعة للمخابز بـ50 دينارا، المخابز تبيع ثلاثة انواع بأسعار 16 و25 قرشا للكيلو غرام الواحد ,
الية الدعم النقدي المباشر ستغطي 5.5 مليون من اصل 7.5 مليون نسمة بنسبة 69% من المواطنين، بقيمة 70 مليون دينار سنويا.
الحكومة هي صاحبة الولاية في مثل هذه القرارات الإستراتيجية وعلى عاتقها تقع المسؤولية وعلى المجتمع مسؤولية المحاسبة والتأكد من الشفافية وليس مطلوبا منها أن تخطب تعاطف النواب مع خطتها فهي خطة إقتصاد بلد , لكن عليها شرح تفاصيل الخطة كما هي بالرقم وبالتحديات وقراراتها التصحيحية تخصها وتتحمل مسؤوليتها .
ما تحتاجه الحكومة هو تفهم مجلس النواب للقرارات التصحيحية وشراكته الفعلية في سياق نقاش علمي وفني للموازنة العامة بعيدا عن المراهقة السياسية .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي