حاصد ملياراتنا هل يهدي القدس لإسرائيل ؟!
د. عدنان سعد الزعبي
04-12-2017 11:26 PM
ليس من المنطق في السياسة والقانون الدولي أن تكون أمريكيا وسيطا في العملية السلمية مع إسرائيل، فأمريكيا لا تتمتع بالنزاهة التي تمكنها من لعب دور محوري لحل القضية . فعاشق المليارات العربية لا يجد من شكر العرب إلا بإهداء إسرائيل الاعتراف بالقدس كعاصمة أبدية للدولة اليهودية ، وبإجراءات غلق السفارة الفلسطينية في واشنطن ، وبالضغط على أبو مازن لقطع رواتب المعتقلين والمقاومين في فلسطين ؟! ولم يجد سيد البيت الأبيض من تعابير ومواقف لشكر الكرم الحاتمي العربي - عن ما عجزت طائرته الرئاسية عن حمله من هدايا ومجوهرات لجميلة الجميلات أفيكا وزوجها وسيدة البيت الابيض وحاشيتهم - إلا أن يضرب مشاعر وتوجهات وموروث الأمتين العربية والإسلامية بأسوأ ما يتوقعه العرب والمسلمون من البيت الابيض ، فلطالما قدر ساكنو هذا البيت خطورة هذا القرار و تراجعوا عنه لعقود وعقود. !
لقد كان حل الدولتين توجها أمريكيا بعينه طرحه الفيلسوف جونسكي ووافقت عليه إسرائيل عام 2009، بعد أن مات طرح حل الدولة الواحدة التي رفضها الاسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء . فمفهوم ( صوت واحد لرجل واحد) أثار مخاوف الإسرائيليين من البعد الجغرافي والملف الأمني والقانوني والسيادة التي ما زالت وستبقى هاجسا كبيرا يؤرق صاحب القرار الإسرائيلي . في الوقت الذي تقبل فيه إسرائيل هذا الطرح إذا عكست مفهوم الدولة اليهودية الأحادية بحيث يكون الفلسطينيون مجرد أفراد ولاجئين بلا حقوق ولا مقومات تمكنهم من أي حكم أو دور سياسي فيها. هرولة الفلسطينيون على أوسلو أوقعهم بخطأ فكرة المرحلة الانتقالية والتي كانت اللغم الخطير الذي أوقعهم في شرك ألاعيب وخبث الساسة الإسرائيليين . فتفويض إسرائيل بحق الاعتراض على أي إجراء يطرح للحل النهائي وخاصة ما يتعلق بالقدس والحدود والمياه واللاجئين، هو الذي استغلته إسرائيل لترحيل الحلول النهائية وفرض سياسة الأمر الواقع بالمستوطنات والتحكم بموارد الفلسطينيين .
إن صفقة القرن التي يطلقها الرئيس ترامب كعنوان لحل القضية الفلسطينية وكنهج ثالث لحل القضية الفلسطينية ، يقوم بالأساس على قاعدة التطبيع الشامل مقابل السلام الشامل ، والسلام هنا بالمفهوم الإسرائيلي وبطبيعة الحال يختلف عن السلام بالمفهوم الفلسطيني والعربي ، ولا أضن أن الأمريكان ينظرون لوجهة النظر العربية بمقدار ما يحرصون على تنفيذ الوجهة الإسرائيلية . فمبادرة الأرض مقابل السلام التي طرحت في بداية القرن ووافقت عليها القمة العربية بإطلاق مبادرة بيروت عام 2002 أصبحت من الماضي الذي تجاوزه الإسرائيليون بخطوات رغم أنه كان لغتها مع بداية مؤتمر مدريد عام 1994. إلا أن الإسرائيليون وكعادتهم بالتسويف يطرحون اليوم وكجزء من خطة التيئيس ،فكرة التطبيع الكامل مقابل شيء ما لاحق ، كمقدمة للعملية السلمية هي التي يسميها ترامب صفقة القرن، في حين يطرح العرب فكرة شيء مقابل شيء بالمقابل (أي ألأرض مقابل السلام والتطبيع الشامل ) وهو الذي لن يتم ! لنعود الدوران في دائرة مغلقة من جديد! . المؤشرات الإسرائيلية بطبيعة الحال ترفض أي حل لا يتوافق مع تطلعاتها كدولة يهودية واحدة ؟. فقد ألفنا مشاريع الحلول التي تطرحها إدارات البيت الأبيض وبكل فترة رئاسية جديدة ؟. ألم يطرح الأمريكان والإسرائيليون توطين الفلسطينيين في جزء من منطقة سيناء كأحد الحلول وبالتالي التخلص من مسالة عودة اللاجئين .وهو الذي رفضه المصريون وأكدوا أنه من سابع المستحيلات ، وهو الذي دعا المصريين إلى الإسراع في توحيد الصف الفلسطيني وتعزيز قوة التفاوض والوجود الفلسطيني على الساحة الدولية .فالمصريون يواجهون حملة شرسة شاهدنا أحد سيناريوهاتها قبل أسبوعين؟
الواضح أن رجل البيت الابيض لا يعي تماما طبيعة التعقيدات التي تحيط بالقضية الفلسطينية ولم يستطع أعوانه في البيت الأبيض من التوافق على طريقة لتوجيه تصرفاته التي تتنافى مع الواقع ، فما زالت تصريحات كبار مساعديه وأركان وزارته تتحدث عن حل الدولتين وأهميته، باعتباره حلقة من الحلقات التي تفاهم عليها المجتمع الدولي ، فما يطرح من حل الدولة الواحد خيال حاولت كيري وإدارة أوباما طرحه لتخويف إسرائيل إبان الصرع بين أوباما ونتنياهو عام 2015 وانتهى بانتصار الأخير ؟
ما يطرحه رجل البيت الابيض حول صفقة القرن ، مجرد أحلام تضع الحصان قبل العربة ، ولن تجد دعما بالحجم الثقيل في إدارته وفي الكونغرس ومراكز الدراسات والأبحاث والإعلام ، لأن الإسرائيليين يريدون إبقاء الوضع الراهن على هو عليه ، حتى يكملوا على ما تبقى من الدول العربية والإسلامية ؟ . إذا ما هي الرسالة التي ستحملها الجامعة العربية بخصوص موضوع القدس وما هي قوتها ، وكيف يرى صائد المليارات العربية مستقبل علاقتنا كعرب به ؟