زواج الأطفال في بلاد حضارات الآلاف السبع عار وسبع آلاف عار
سارة طالب السهيل
03-12-2017 02:28 AM
و رحم الله المرأة العراقية في التاريخ الحديث ليس حديث جدا ولكن
بعد تشكيل الدولة العراقية حيث بدأت المرأة تشارك في الحياة السياسية في مطلع الأربعينات من خلال اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية ثم تخرجت نخبة من النساء من كلية القانون وعملن في سلك المحاماة، كما كان لها الدور البارز في وثبة يناير عام 1948 ميلادية لإسقاط معاهدة بورتسموث، وشاركت في انتفاضة أكتوبر عام 1952 حيث تعرضت 150 امرأة للاعتقال.
و مر على تاريخ العراق سفيرات ووزيرات و كاتبات و مهندسات و ناهضات نسوية و شاعرات و رائدات في كافة المجالات أمثال نازك الملائكة و نزيهه الدليمي و امينة بغداد سعاد العمري و اسيا توفيق وهبي و حفصه خان النقيب و مارجريت بشير سرسم و ماهرة النقشبندي و وداد الاورفلي و اديبه طه الشبلي و بولينا حسون و غيرهن كثيرات لا يسعني ان اذكرهن جميعا
و بعد هذه المقدمة الطويلة للتمهيد لموضوع معاصر رأيت أن مقارنته بنصور سابقه سيرثنا الخجل و الشعور بالغثيان من تردي حالنا من أبناء حضارات عظيمه كانت قدوة و منارة بل ام الحضارات التي تبعتها و لحقتها الى عصرنا الحالي الجاهلي و لا اقصد فقط موضوع المقال لزواج القاصرات و الأطفال و إنما لمواضيع كثيرة أخرى
و بالعودة لموضوعنا
بالرغم مما حققه وطني العراقي الغالي من انتصار عسكري مشهود له اقليميا وعالميا على داعش وما يعنيه ذلك من استعادة العراق لاستقراره الأمني والسياسي، غير انه لم يحقق حتى الآن سلاما اجتماعيا يحفظ للكائنات الضعيفة والمهمشة حقها الانساني في الاختيار والكرامة وعلى رأسها المرأة والطفل.
وللأسف، فانه حتى الآن، لم ينجح العراق بعد في معركة الانتصار لحقوق الطفولة والمرأة ولم يقض الرواسب العطنة لفكر داعش خاصة فيما يتصل بالمرأة ونظرته الدونية كسبية او جارية تباع في أسواق النخاسة، ولعله من أكبر البراهين على ذلك محاولات تمرير قانون زواج القاصرات بمجلس النواب والموافقة المبدئية عليه وسط غضب جم من الشارع العراقي اليقظ لمخاطر هذه الجريمة التي تعيد المرأة لعصر الاسترقاق والعبودية مجددا بعد ان تحررت منه.
فلا يتصور أي عقل ان يوافق مجلس النواب على قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يتيح الفرصة لتزويج الطفلة الأنثى عند عمر لا يتجاوز التسع سنوات مبرئا ذمته امام الله ـ بالزعم بموافقة ولي الأمر، في انتهاك صارخ لحقوق الطفولة، وكأن من وضع مثل هذا التشريع يتفق اتفاقا فكريا وفقهيا مع فكر الدواعش الذي ينال من حقوق الطفولة البريئة والمرأة في الذود عن حقها الاساسي الذي كفتله الشريعة الاسلامية باختيار الزوج.
فمشروع هذا القانون في اجازته تزويج الطفلة بعمر 9 سنوات يمثل انتهاك صارخ للدستور العراقي نفسه، الذي يحفظ كرامة المرأة وحقوقها الانسانية وهويتها، كما أنه يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة التي تحث على حقوق المرأة وكرامتها، وهو بالنهاية في تقديري الشخصي نوع من الاتجار بالبشر تحت غطاء قانوني.
فكيف يمكن للمجتمع العراقي ان يعيد بناء طاقته الروحية والحضارية وهو ينتهك بالقانون روح الطفولة البريئة؟ ! فمثل هذا القانون اللاإنساني يعيدنا الى أزمان الجاهلية حيث وأد البنات، ولكنه وأد هذه المرة مشرع قانونيا، وكأن العراق بمثل هذا المشروع المشئوم يعود للخلف حيث التخلف والرجعية وانعدام الاخلاق والرحمة الانسانية بدلا من أن يخطو خطوات للأمام في سياق النهوض بأفراده صغار وكبارا نحو مزيد من التطور الحضاري الذي صنعته الأجيال السابقة.
تاريخ .. وأزمة حاضر
فقد صدر أول قانون للأحوال الشخصية المدني في العراق العام 1959 مستندا الى أحكام مأخوذة من تشريعات دينية وقوانين مدنية، ومازجا بين المذاهب والأديان دون تحيز. فالقانون الساري المفعول منذ زمن الرئيس عبد الكريم قاسم، يمنع تعدد الزوجات وزواج القاصرات إلا بشروط معينة، ويمنح الأم الحق في حضانة صغارها، ويعطي الحق للزوجة بأخذ إرث زوجها في حال الوفاة على خلاف بعض الآراء الفقهية الدينية اليوم التي لا تورث الزوجة في العقارات والأراضي وتميل إلى منح الحضانة للأب.
وبعد سقوط الرئيس صدام حسين و دخول القوات الأميركية البلاد، ألغى الحاكم هذا القانون وأصدر القرار رقم (137) ليعيد العمل بالقضاء المذهبي، إلا أن القرار ألغي بعد صدوره بفترة وجيزة في عام 2004 بعد تظاهرات حاشدة شعبية وضغوط مدنية طالبت بإلغائه.
ولكن كما يبدو أن الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية قد نجحت هذه المرة في اعادة العمل بالقضاء المذهبي عبر تمريره بموافقة مبدئية داخل أروقة مجلس النواب، ولكن في المقابل،
وكما ـ يقول القانونيون ـ فان تعديل القانون حسب رغبة الاحزاب الاسلامية يتضمن مخالفات دستورية وقانونية خطيرة، اذ ان تعديل قانون الأحوال الشخصية الوارد في الدستور هو ضمن البنود التي اتفقت الكتل السياسية عليها منذ سنوات، وينبغي حسم التعديلات قبل تشريع القانون الجديد.
حيث تنص المادة (41) من الدستور على ان “العراقيين احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون.
ويوضح القانونيون مأزقا أخر في مشروع التعديلات الأخيرة ، وهو ان القانون المقترح يحيل قضايا الزواج والطلاق والحضانة والميراث الى هيئة الاوقاف الدينية التابعة الى الحكومة وليس الى المحاكم المدنية التابعة الى القضاء، وذلك يعني حقيقة تعارضه مع مبدأ الفصل بين السلطات، بجانب اشكالية مبادئ حقوق الانسان والقوانين الدولية المعنية بحماية حقوق المرأة، حيث أن تنظيم مثل هذه القضايا يجب ان يكون من صلاحية المحاكم وليس السلطة التنفيذية عبر دوائر الاوقاف الدينية السنية والشيعية وباقي الأديان.
أسباب ولكن ...
لاشك ان الحروب الطاحنة التي شهدها العراق وفقدان الكثير من الأسر لعائلها وانتشار الفقر في أوساط العراقيين، وعدم توافر فرص العمل للمرأة التي فقدت عائلها قد دفع بعض الأمهات الى تزويج أطفالهن للتخلص من أعبائهن الاقتصادية، بينما وقف المجتمع العراقي ـ وهو مسئول كل المسئولية عن هذه الجريمة النكراء ـ دون ان يحرك ساكنا او يبحث عن فرص عمل لهؤلاء النسوة اللواتي فقدن مصدر للرزق وعجزن عن توفير المأكل والملبس لصغارهن، ولم يجدن أية رعاية اجتماعية من الحكومة او حتى بعض المؤسسات المدنية والدينية.
والنتيجة المؤسفة أن تزويج الصغيرات قبل سن ال 18 عاما قد أخذت في النمو والتزايد المضر يوما بعد يوما، وبدلا من أن تسهم الحكومة في ايجاد حل يقتلع ظاهرة تزويج القاصرات، ريحت دماغها وسارعت الي تقنينه بتشريع قانوني يمثل كابوسا لأوضاع الطفلة والمرأة اليوم وغدا.
فقد انتشرت عقود زواج القاصرات بمكتب السيد، وقضاياها تحتل ساحات محاكم القضاء العراقي، وسط صمت الجهات المسئولة وعجز الحكومة والبرلمان والمؤسسات القانونية والقضائية عن تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يمنع من زواج القاصرات.
وتبدو ظاهرة تزويج القاصرات في كوردستان ايضا تحت مزاعم موافقة ولي الأمر يشكل كارثة انسانية بكل المقاييس، خاصة وانه لم تفلح جهود النشطاء والحقوقيين في مكافحتها وتعريتها والضغط على الحكومة لمنعها بوصفها جريمة اتجار بالبشر.
وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.
جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون " العار" سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.
خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة "القاصرات خط أحمر" نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة.
وللأسف الشديد، فان الكتاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني لم يدشنوا حملات التوعية والتثقيف والتجمعات والتظاهرات لوقف هذه المهزلة الانسانية بحق الطفولة البريئة، بينما المؤسسات الدينية لم تمانعها بل اطلقت بها مشروع هذا القانون الكارثي لتزويج القاصرات دون النظر الي حقوقهن الانسانية.
جريمة اغتصاب
كما هو واضح للعيان، فان تزويج القاصرات في سن التاسعة يمثل جريمة اغتصاب مكتملة الاركان، وهذا القانون يخالف اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة، عندما اجاز القانون زواج القاصرات في سن التاسعة هو بذلك مخالف للمادة 14 من الدستور العراقي التي ساوت بين العراقيين من حيث الدين والمعتقد والمذهب، كما أن القانون منع خروج المرأة الا مع محرم وهو يخالف حقوق الحرية الفردية.
وفي تقديري، ايضا ان هذا القانون " العار" سيشجع اكثر الاسر الفقيرة من المذاهب الاسلامية الأخرى على تزويج اطفالهن الصغار بما يؤدي الى انتشار الطلاق و الموت و الأمراض لهذه الأطفال مما يشل حركة المجتمع في الانضباط أو تحقيق أي سلام اجتماعي.
خط أحمر
ومما يثير الدهشة، الاستعجال بتمرير مثل القانون بالنواب دون محاولة عمل رأي المجتمع المدني بشأنه، ولكن رفض أصحاب الضمائر الحية في بلادنا لمشروع هذا القانون قد أزاح بعض الهم من قلبي، اذ انه قد يفتح الباب امام جهود الغاء هذا القانون الداعشي من وجهة نظري، بل انني أشد على أيدي الناشطين في مجال حقوق الانسان والمدافعين عن المرأة والطفل في بلادنا لمواصلة الجهود من أجل عدم تمريره بمجلس النواب.
ولعل النجاح السابق الذي حققته جهود المجتمع المدني في مواجهة القضاء المذهبي والغائه عام 2004 ، يحفزنا نحن كل العراقيين لإعادة هذه التجربة الناجحة بشن حملات توعية في الاعلام والمراكز الرياضية ضد مشروع تزويج القاصرات، وعلى كل كاتب ومبدع عراقي ان يسهم بما يستطيع لانجاح هذه الحملة.
أما مؤسسات المجتمع المدني بكل اطيافها وشبكاتها الحقوقية مطالبة بالضغط علي الحكومة والبرلمان بكل السبل لإلغاء التصويت على هذا القانون العار علي جبين العراق الحضارة والانسانية، وابراز الحقيقة المؤلمة والمفزعة بإن مشروع قانون تعديل الاحوال الشخصية يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة .
ولابد ان تحتشد كل جهود المجتمع المدني واصحاب الضمائر الحية في بلادنا لإعلان حملة "القاصرات خط أحمر" نوضج فيها بكل السبل الجريمة التي ترتكب بحق هذه الطفلة البريئة التي تسحق براءاتها عند تزويجها بكهل من اجل المال في جريمة استغلال جسدي تخالف المواثيق الدولية، وابراز المخاطر الصحية التي تتعرض لها اذا ما تعرضت للحمل في السن الصغيرة واحتمال تعرضها للوفاة المبكرة.
والدعوة الجادة لوضع تشريعات قانونية تجرم اجراء الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية، والعمل على اغلاق المكاتب الشرعية التي تتخذ من هذا العمل تجارة رائجة.