حوالي 57 %من ملكية البنوك العاملة في الأردن تعود لجهات غير أردنية، وهي نسبة عالية جداً وقد اعتبرتها بعض المؤسسات الدولية نقطة ضعف، الأمر الذي دعا البنك المركزي في تسعينات العقد الماضي للدعوة إلى أردنة الفروع الاجنبية بتحويلها إلى شركات مساهمة عامة، لكن الفكرة لم تتحقق، مع أنها في حينها قوبلت بالترحيب وأصبح بعض فروع البنوك العربية يتابع مع البنك المركزي البدء في عملية الأردنة.
هذا الواقع المصرفي يعني أن مصالح أردنية عليا متروكة لقرارات غير الأردنيين، الأمر الذي عالجه البنك المركزي بالتشدد في مراقبة أعمال البنوك للتأكد من التزامها بالمصالح الوطنية، ومن هنا نجد حرص البنك المركزي على سلامة المراكز المالية للبنوك، سواء من حيث كفاية رأس المال الذي يزيد عما هو مقرر عالمياً. أو من حيث عدم التساهل في أخذ احتياطيات كافية لمواجهة أية
خسائر محتملة في مجال الديون غير العاملة (المتعثرة).
هل من المناسب إعادة إثارة الموضوع من جديد في الوقت الراهن. ودراسته مرة أخرى على ضوء تقدم تجربتنا في الرقابة على البنوك، والدور الذي تقوم به في تمويل الاستثمارات والنشاط الاقصادي بشكل عام.
التجارب العربية في هذا المجال محدودة للغاية، فما حدث في مصر مثلاً قبل أكثر من نصف قرن كان تأميماً وليس تمصيرا.
السعودية هي النموذج الأول الذي نجح وأصبح يوفر تجربة متكاملة في توطين البنوك وتستحق تجربتها الدراسة للاستفادة منها.
البنوك تختلف عن الشركات العاملة في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات، فهذه استثمارات أجنبية مرحب بها وتلقى كل الدعم والمساندة، في حين أن البنوك تمسك بمفاصل الاقتصاد الوطني وتستطيع أن تعطي وأن تمنع، وإذا كانت الأولوية بالنسبة لأغلبية أعضاء مجالس الإدارة التي تقرر استراتيجية البنك واضحة هي زيادة الربح والحد من المخاطر إلا أن البنوك تظل بمثابة القلب النابض الذي يجمع الدم (المدخرات) ويحقنها في شرايين الاقتصاد الوطني.
في جميع الحالات، لا بد من ملاحظة أن الشركات والمشاريع العادية تعمل برأسمال مصدره المساهمون، في حين أن البنوك تتصرف باموال المودعين التي تعادل أضعاف رأسمالها وتستوجب الحماية.
الراي