عُذراً يا رسول الله
المحامي عدنان محمد الخشاشنة
30-11-2017 05:51 PM
عذراً يا رسول الله، فقد أضعنا بعدك الطريق، افترقت أمتنا فرقاً وشيعاً، ذاقت الأمة الأمرين في ذلتها، وضعفها، استكانت ألماً ووجعاً ، قهرتها الأمم وسبقتها، وقهرت هي الأمم بتقهقرها ورجوعها للخلف.
عذراً يا رسول الله، فقد اختلفنا بعدك ولم نختلف عليك، كلنا يدّعي حبك، وكلنا يدعي انه متبّع لسنتك، لم يعد لأمتنا قيادة واحدة، ولا فتوى واحدة، ولا هلال واحد، كِثُرت الأهلة وفاضت الأرض بالمفتين والفتاوى.
عذراً يا رسول الله، تركنا الفروض والسنن والواجبات، واتبّعناهم حتى سَلَكُوا جُحْرَ الضَبٍّ فسلكناه، هجرنا القرآن والسنة، تركنا علومهم واختراعاتهم وتبعنا ثقافاتهم ومسلسلاتهم وانحلال اخلاقهم، فأمتك يا سيدي يا محمد أصبح يُتندر بها على أنها "أمّة مُهَّند".
عذراً يا رسول الله، فما عادت بنا غيرة يهتز لها الوجدان، ولا حتى مشاعرنا لها ميزان، وقلوبنا اصبحت حبلى بالهموم والأحزان ، قتلنا بعضنا البعض، وعثنا ببلادنا فساداً، واصبح الإرهاب صفة لنا، وكل يوم نتلقى طعنات الإجرام، غزتنا الحرب التي لا تُبقى ولا تذر، صار سفك الدماء جهاد وطاعة وقربه من الله ، ذبحوا وسفكوا باسم الله - والله براء مما يصنعون-الأخ قتل أخاه، قتلوا الاوطان وخانوها .
عذراً يا رسول الله، فالأمة صارت من بعدك أممُ ، ضيعنا من بعدك الأمانة والقيم، شقينا بأنفسنا، ومع ذلك كلنا يرجو شفاعتك، يوم مولدك جعلوه ذكرى للقتل والذبح لأحبابك وأتباعك، لم نعد نتذكرك ونوقرك ونعظمك فشقينا من بعدك.
عذراً يا رسول الله أفنيت عمرك لهداية هذه الأمة، ونحن من بعدك فرّطنا في جنب الله لم نرعى لك قدراً ولا حرمة فاتبعنا الشيطان ليرضى حتى استعاذ مما نعمل وتبرأ منا .
عذراً يا رسول الله صار منا خوارج وروافض، ومعتزلة، أسرفنا في الظلم وفي الجور، وقتل أهل الحق واذلالهم وملأنا الأرض بدعاً وزيفاً وأهواء.
عفواً يا رسول الله ، عفواً يا خير الأنام ويا خاتم النبيين فما عدنا ندرك اين نحن فقد غفلنا وظللنا وما زلنا، فهل بعد هذا كله لنا عين بأن نشرب من يدك على الحوض؟