في ذكرى وصفي التل .. المشروع الوطني الاردني مجددا
فارس الحباشنة
29-11-2017 10:04 PM
ما مر على الاردنيين رجل حفر وترك أثرا في وجدهم الوطني كما هو الشهيد وصفي التل.. استشهد ولم يبرق للاردنيين الا برسائل حب الوطن والتضحية بالدم من اجله.
استشهد وصفي التل وعاش وكل الاقربين والابعدين خافوا منه، وهو لم يخف من أحد. عندما كانوا يريدون اسرائيل وجهة نظر لا عدوا تاريخيا وحضاريا للامة العربية، وعندما كانوا يختلون في جنبات الظلام ليحيكوا مؤامرات على فلسطين والاردن، كان يخطط بارادة حديدية وطنية وعروبية، وقال وصفي التل : « نحن لم نسمِّ فلسطين بفلسطين ولم نسمِّ نهر الاردن بالاردن...طول عمرنا بنحكي ولاد عمنا الغرابا وهم بيحكو اولاد عمنا الشراقا...احنا اهل «. انتهى الاقتباس.
كل عام، بل كل يوم يتجدد الشهيد وصفي التل في وجدان الاردنيين الاحرار، لربما هي صورة حية تزعج وترعب البعض، وتبعث على الامل والاطمئنان والثقة في نفوس الاوفياء والخائفين على مستقبل ومصير الاردن.
ولربما هو حنين لزمن الفروسية الاردنية، وهي جوانب شعبية فطرية وعفوية في وجد ومزاج اردني يبحث عن لحظة قويمة في تاريخ الاردن الحديث، وتعبير غامض عن نهضة وطنية مشروعها ما زال قائما ومتجددا، ولعلها كما يقول فقهاء « سيكولوجيا الجماهير»، تعبير عن احساس عميق وعنيف باليأس والامل معا.
«نوستالجيا» عودة الى زمن يراه الاردنيون جميلا، انعطاف نفسي جماهيري لحنين ابوة وعطف وقوة للدولة، اكتشاف للذات كما يقول دريرا «الفيلسوف الفرنسي في كتابه المرجعي : الحدث والخطاب والتفكيك «، صور وصفي التل ما زالت معلقة في صدور بيوت الاردنيين، وخطب واقوال وصفي التل تتداول بتراتيل وادعية في مواجهة محاولات محو الهوية الاردنية.
الاف الاردنيين اموا أمس بيت وصفي التل في الكمالية، قرأوا الفاتحة على روحه، وهناك من سالت دموعهم بكاء على رحيل زعيم وطني جامع ، ثمة صور لاحياء جماهيري لذكرى استشهاد وصفي التل عصية على الاجابة، وحتى ما طرحناه هو مجرد تاويلات وتقديرات موضوعية تشتبك ما بين السياسي والنفسي والثقافي الوطني.
لا اعرف كم نحن مدينون لوصفي التل، نتذكر اليوم أعظم ما مر على تاريخ الاردن، اتذكر ولا اعتقد أن النسيان قد اصاب اردنيا دون أن يمر على خبر استشهاد وصفي التل، من الشمال الى الجنوب والبادية والمدن لا توجد قرية او عائلة اردنية الا ولها ذكرى من وصفي التل.
في ارشيف الاردنيين صور خالدة لوصفي يفتتح مدرسة ويشرب قهوة ولبنا مخيضا ويجالس فلاحين وعمالا ويزور مؤسسة حكومية ويزرع شجرة، وغيرها. ولمن لا يعلمون فان اشجار الحراج الممتدة على جوانب طرقات مشتتة من ربوع الاردن الجميل زرعت في عهد وصفي التل، وبايعاز ورعاية مباشرة منه رحمه الله.
الاحتفال باحياء واموات لا يليق الا بمن رفعوا رايات الاستقلال والحرية والمقاومة والشهادة من أجل الوطن.
الدستور