جريدة الغارديان تقرع ناقوس الخطر
د. تيسير المشارقة
29-11-2017 01:19 PM
كتبت كاثرين فينر، رئيس تحرير صحيفة الغارديان البريطانية، مقالة طويلة استذكارية واستعادية يوم 16 نوفمبر2017 في صحيفة the guardian البريطانية بالإنكليزية استرجعت من خلالها تاريخ الصحيفة منذ سقوط نابليون بونابرت والبونابرتية، وآخرها هزيمته في معركة ( أو مذبحة) واترلو (بلجيكا).
واستعرضت الكاتبة التحوّلات والتغييرات والتحدّيات التي مرت بها صحيفة ((مانشستر غارديان)) على مدار 200 سنة.
التحولات التاريخية التي مرّت بها صحيفة غارديان والانعطافة الحالية (الرقمية) دفعت القائمين عليها إلى طلب "التكيّف " مع الظروف الرقمية الجديدة، ودعت الصحيفة ال800 ألف مشترك بالصحيفة إلى مواصلة دعمهم لهذه الجريدة التي تقف الآن على مفترق طرق. وكأن المقالة تقرع ناقوس الخطر وتبشّر بتحوّل في مسيرة الصحافة بشكل عام.
طالبت السيدة (فينر) بالتكيّف والحفاظ على المبادئ.. والالتزام بالأخلاق المهنية مثل النزاهة والأمانة والمصداقية والشجاعة والإنصاف. واستعرضت أيضا تاريخ الصحيفة(مانشستر غارديان) منذ تأسيسها في 16 أغسطس 1819 على يد جون إدوارد تايلور، وصدور العدد الأول عام 1821.
كتبت فينر في مقالتها بالإنكليزية : ((في العقود التي تلت وفاة تايلور عام 1844، بدأت صحيفة "مانشستر غارديان" بالانحراف عن المثل السياسية التي ألهمت تأسيسها)). ولكن الصحيفة عادت إلى قواعد العمل وتميزت بعودتها لمبادئها الأصلية في عهد (كب سكوت)رئيس التحرير الذي أدار الصحيفة 57 عاما.. منذ 1872.
سكوت .. حوّل الصحيفة إلى منبر لليساريين أواخر القرن التاسع عشر (1899-1902)وقاد الصحيفة باتجاهات أخرى بعيدا عن الليبرالية الانفصالية نحو الليبرالية الجديدة التي كانت ثورية مطلع القرن العشرين وهي التي طالبت بالعدالة الاجتماعية ودولة الرفاه.
الانعطافة والتراجع المبدئي في حياة الصحيفة حدث عام 1948عندما وقفت (ذي غارديان) مع تخفيض المعونة والرعاية الصحية للمواطنين، والتراجع الآخر الذي حصل حدث سنة 1951 حينما أيّدت هذه الجريدة حكومة المحافظين.
نوّهت فينر في مقالتها إلى أن (سكوت) كتب عام 1921 بمناسبة الذكرى الـ 100 لصدور الطبعة الأولى من الجريدة هذه العبارة ((التعليق حر بينما الحقائق مقدسة)) وكتب سكوت أيضا حول ضرورة السماح للمعارضة كما للموالاة بالتعبير عن رأيهما على متن الصحيفة بشكل حر ومتوازن، مذكراً بأخلاقيات المهنة التي تعتبر الصحيفة صوتاّ للفرد والمجتمع في آن.
في العام 1959 حملت الجريدة اسمها الحالي (غارديان) بدلا من (مانشستر غارديان)، و تمتّعت منذ ذلك الحين بأنها ملكية خاصة لصاحبها سكوت. وتأثرت الغارديان بالشبكة العنكبوتية في العام 1989 والتطوّر الهائل على تكنولوجيا الاتصال بعد 600 سنة على آلة طباعة المخترع السويدي يوحانان غوتمبرغ.
أشارت فينر إلى أن (آلان روزبريدجر)هو الذي قاد الغارديان من عام 1995 حتى عام 2015 وقبل بالتحدي التكنولوجي، وأدار الصحيفة منحنيا لعاصفة الإنترنت.
وعزت له التوسّع الرقمي، والتحوّل والانتقال بالصحيفة من الطباعية إلى الرقمية . ووصفت الزمن القديم بتعبير (عصر غوتمبرغ). ويبدو أن (فينر) التي تؤمن بـ"صعود القارئ" ترى في العصر التكنولوجي والإعلامي الجديد فرصة للتكيّف والتحوّل السريع باعتبار الغارديان كانت من أوائل الصحف التي سايرت التحوّل الرقمي ومشت معه. ولكن هل هذه الطروحات لرئيس تحرير الجريدة الورقية هي شهادة وفاة للورقية نحو الرقمية الخالصة. المقالة المطولة التي استعرضت فيها (كاثرين فينر) مسيرة الـ 200 سنة من عمر الصحيفة تقرع فيها ناقوس التحوّل الجذري الرقمي.