تقديرات التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي عقد اجتماعه الاحد في الرياض، بمشاركة اربعين دولة، إن أكثر من 200 ألف ضحية سقطوا جراء الهجمات الإرهابية، وأن الخسائر التي تسبب بها الارهاب بلغت 348 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية.
هذه التقديرات تستند الى عدة أسس بعضها يرتبط بالعمليات العسكرية التي قامت بها هذه الجماعات، والعمليات التي تم من خلالها الرد على هذه الجماعات، اضافة الى التقديرات التي تتعلق بالخسائر الاقتصادية المرتبطة بتوقف الاستثمارات والسياحة والخراب في البنى التحتية.
ربما هذه الارقام بحاجة الى ارقام اخرى من اجل توضيحها، خصوصا، ان هذه الموجات من العمليات جاءت في ذات توقيت مايسمى الربيع العربي، الذي عصف بدول كثيرة، وتدخلت به ايضا اطراف اقليمية ودولية، واذا تحدثنا عن خسائر الربيع العربي، لوحده، لاكتشفنا انها تصل الى تريليونات الدولارات، على كل المستويات، الاقتصادية والتجارية والصناعية، وغير ذلك.
سوريا وحدها، بحاجة في بعض التقديرات الى خمسمئة مليار دولار لاعادة البناء، وهناك تقديرات اعلى من هذا الرقم، من اجل اعادة بناء مئات الألوف من البيوت المهدومة، واستعادة الخدمات، وانعاش كل القطاعات، والامر ذاته ينطبق على دول اخرى، مثل ليبيا، و اليمن، وما يشهده العراق، على مستويات مختلفة، وهنا لايمكن لكل التقديرات مهما بلغت دقتها ان تحدد الخسائر الاقتصادية.
نتحدث فقط عن الخسائر الاقتصادية، اما الخسائر الاجتماعية المرتبط بتشظية البنى الشعبية، واثارة الكراهية والاحقاد المذهبية والطائفية، وغير ذلك من تشرد الملايين، وبروز ظواهر الهجرة، وماتركه ذلك من اثار خطيرة جدا، على كل هذه الاعداد، والاجيال التي ولدت خلال سنين الصراعات والحروب، وماتسبب به الارهاب، فهي ملف اكثر خطورة.
بعيدا عن لغة الارقام، تبدو الحقيقة الاصعب؛ كيف يمكن اعادة بناء المنطقة، اقتصاديا واجتماعيا؟.الكلام الذي يتسم بالتفاؤل حول قدرة المنطقة على اعادة بناء ذاتها، كلام لاسند له، خصوصا، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، لان موارد هذه الدول، واي مساعدات مالية، من المجتمع الدولي، لن تكون قادرة على ترميم المنطقة، التي جابهت بهذه التحديات، وضعا مأساويا يتفوق على كلفة الاحتلالات عبر التاريخ.
كل موارد المنطقة الاقتصادية، نفط، ثروات مختلفة، لاتكفي لاستعادة المنطقة مثلما كانت، برغم انها لم تكن مثالية، ولا الاحسن، هذا فوق ان ترميم المنطقة، على مستوى البنى، بحاجة الى عقود، اذا افترضنا في الاساس، توفر هذه التريليونات، ووجود ارادة دولية واقليمية، بالسماح للمنطقة، بالنهوض مجددا، واذا افترضنا عدم حدوث كوارث جديدة.
في تجارب عالمية، لدول خرجت من حروب كبرى مثل اليابان والمانيا، لدينا ادلة على ان النهضة ممكنة مجددا، لكن هل المطابقة والمقارنة مع هذه النماذج صحيحة، اساسا، وماذا لو دخلنا في تفاصيل هذه التجارب، واكتشفنا انها مختلفة عمقا، ولايمكن تعميم تجربة اعادة النهوض بهذه البساطة العاطفية التي يستند اليها كثيرون، في حديثهم عن ان اعادة البناء ممكنة.
من المؤسف جدا، ان نصل الى هذه الحالة، فالانسان العربي، يعاني من آفات كثيرة، من الامية وصولا الى غياب التنافسية العالمية، وغياب فرص العمل، ولو دققنا اكثر، لاكتشفنا ان المنطقة في الاساس، من دون الحروب والارهاب والصراعات وماجاء به الربيع العربي، من ازمات، كانت بحاجة الى مبالغ فلكية من اجل التنمية، وتوفير ادنى شروط الحياة للانسان العربي.
نحن امام انسداد في الافق، انسداد يقول من جهة اخرى، ان العالم لم يترك العالم العربي، في حاله، مثلما ان اهل المنطقة، لم يتمكنوا لاعتبارات كثيرة، من وقف عمليات نحر المنطقة، بأيدي الغرباء، وبأيدي ابناء المنطقة ايضا، عبر مايمثله الارهاب او الصراع على السلطة، من نماذج.
لقد عدنا الف عام الى الوراء، فيما كل الامم، تسابق المستقبل ذاته. واعذرونا عن معيار الالف عام، فلربما كنا قبل الف عام، احسن بكثير جدا، مما نحن فيه الان؛ لكننا نضرب الرقم مثلا وحسب.
الدستور