ايران والعرب .. الدين والجغرافيا كعاملين للتباعد؟!
رجا طلب
16-02-2009 02:25 PM
لا تبدو العلاقات الايرانية - العربية تسير في الاتجاه الصحيح ويبدو ان عناصر التاريخ والدين والجغرافيا تحولت في خضم هذه العلاقة الشائكة والملتبسة من عناصر جامعة في العلاقة الى عناصر دافعة نحو الاختلاف والتنافس والتضاد وبخاصة بعد نجاح الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 التى اعطت ايران لونا سياسيا ودينيا خاصا جعلها ترى في نفسها صاحبة الحق في نشر الثورة الاسلامية وتصديرها وبخاصة للدول العربية التي ترى طهران انها تمثل مجالها الحيوي وهو الامر الذي ولد النقطة الرئيسية في عملية التصادم بين الطرفين.
لا تملك ايران علاقة متميزة الا مع دولتين عربيتين فقط (العلاقات هذه مبنية على مصالح سياسية بحتة جزء منها تكتيكي للطرفين) رغم ان ايران تجاور بحريا كل دول الخليج العربي وبريا العراق، كما ان ايران خاضت اطول حرب في العصر الحديث مع جارتها الغربية العراق وهي الحرب الايرانية - العراقية ابان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وهي حرب وان اتهم فيها صدام حسين بانه هو الذي بدأها الا ان ايران لم تكن راغبة في انهائها ورفعت فيها شعارات غريبة مثل ان تحرير القدس يمر عبر بغداد، وتركت تلك الحرب الطويلة تاريخا من الحساسية والكراهية بين ايران والاغلبية العظمى من الدول العربية التي كانت تتعاطف وتدعم النظام العراقي وقتذاك في وجه شعارات ايران الراغبة باسقاطه وتصدير ما يسمى بالثورة الاسلامية للعراق وللدول الخليجية والعربية، وخلال تلك الحرب حاولت ايران خلق القلاقل من خلال التنظيمات التابعة لها في الدول الخليجية وبخاصة في السعودية والكويت والبحرين.
ايران وعلى الصعيد الرسمي تحتفظ بعلاقات مع كل الدول العربية الا انها تحتل اراضي عربية في دولتين هما العراق (الاحواز والذي ينتج أكثر من 80 % من صادرات النفط الإيراني، ويختزن أكبر احتياطي منه في العالم بعد السعودية ويسكنه 5 ملايين عربي من الطائفة الشيعية محرومون من البنى التحتية والحقوق المدنية)، والجزر الاماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى وهما احتلالان تمت وراثتهما من نظام الشاه في مفارقة غريبة وهي ان الثورة جرمت وحرمت كل ممارسات نظام الشاه الا هذين الاحتلالين اللذين اعتبرا من اعمال الشاه الوطنية حيث ترفض ايران حاليا الاعتراف بعراقية الاحواز، كما ترفض أي نوع من انواع التسوية او التفاوض بشان الجزر الاماراتية... ورسميا تمارس ايران انتهاكا مبرمجا للسيادة البحرينية عبر تصريحات سياسية منتظمة تتحدث عن ايرانية البحرين كان اخرها تصريح لرئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإسلامية في مدينة شهد الإيرانية علي أكبر ناطق نوري، قبل أيام، ادعى فيها بتبعية البحرين لإيران واصفا إياها بأنها كانت في الأساس المحافظة الإيرانية ال14، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني .
اما من الناحية السياسية فان ايران تقف على طرف نقيض مع معظم السياسات العربية الرسمية للدرجة التي تعد فيها ايران هي المحرك الاساسي للمعسكر المسمى معسكر الممانعة في المنطقة وهي عامل مؤثر وبارز في الخلافات البينية العربية، ولايران اذرع سياسية وعسكرية معلنه داخل هذا المحور فلسطينيا كحماس والجهاد الاسلامي ولبنانيا حزب الله عدا التنظيمات السرية الاخرى غير المعلنة المسماة فصائل تصدير الثورة، والاذرع المعلنة تشكل بصورة او باخرى عوامل مباشرة لحالات الانقسام الداخلي سواء في الحالة الفلسطينية او في الحالة اللبنانية ولا تنكر هذه الاذرع ابدا توافق اجندتها السياسية والعسكرية مع الاجندة الايرانية.
ان مقارنة عابرة للسلوك الايراني مع الجغرافيا العربية المجاورة لها او البعيدة عنها بالسلوك التركي ستظهر ان تركيا هذه الجارة الاسلامية الكبرى الاخرى تتميز بالتالي : اولا : داعم قوي للعرب في المحافل العربية والدولية وموقفها من العدوان على غزة وقبله الدعم السياسي للمفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل اكبر دليل على انها تدعم الخيارات العربية التي يريدها العرب انفسهم.
ثانيا : قضية لواء الاسكندرون لم تقف حجر عثرة في طريق تطور العلاقات التركية ؟ السورية و/او العربية ولم تعد نقطة خلاف بين الجانبين مع احتفاظ سوريا بعدم شرعية ضم الاقليم، اما قضية المياه فهناك تفاهمات سورية ؟ عراقية مع تركيا بشأنها جاءت عبر مفاوضات سياسية وفنية .
ثالثا : تركيا ليس لها اجندة سياسية تريد فرضها على العرب او ايديولوجيا محددة تريد تصديرها لهم وليس لها فصيل سياسي تريده اداة يحقق اهدافها في أي لعبة سياسية داخلية في أي قطر عربي.
ورغم كل ما سبق لا توجد دولة عربية واحدة لها مصلحة في استعداء ايران او الرغبة في مواجهتها، وان الاغلبية العظمى من الدول العربية وبخاصة الخليجية منها تريد علاقات مستقرة مع ايران بعيدة عن لغة التشكيك او سياسة الهيمنة او الاستحواذ وتغليب مبدأ الحوار في حل اية اشكالات بين الجانبين.
rajatalab@gmail.com
الراي