وصفي التل والتقارب الاسلامي المسيحي
الاب رفعت بدر
28-11-2017 02:17 PM
في شهر كانون الثاني 1971، أجرى رئيس تحرير مجلة "صوت الارض المقدسة" (1967 – 2002) الاب رؤوف النجار، مقابلة مع دولة رئيس الوزراء آنذاك، الشهيد وصفي التل، وفيها ما يعبر عن وطنية هذا الانسان، وصدقه، وقد هنأ وقتها المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، وتحدث عن بنود الدستور التي تكرس المساواة وعدم التفرقة بين مواطن وآخر.
وفيما يلي بعض من أجوبة الرئيس الشهيد، ننشرها استذكارا لروحه، في ذكرى استشهاده في مثل هذه الايام من سنة اجراء المقابلة:
فعلى سؤال حول أمانيه في العام الجديد (1971) قال : ... وبمناسبة هذه الأعياد الميلادية اريد أن أزف لإخواننا المواطنين المسيحيين تهاني المخلصة وأمنياتي الحارة وهي أن ألتقي وإياهم في السنة القادمة في مهد السيد المسيح رسول السلام والمحبة والإخاء.
وحول سؤال : ينص الدستور الأردني في مادته السادسة قائلاً: "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين." فهل ينطبق هذا على وسائل الإعلام الأردنية وإن كان كذلك فهل من الممكن افساح المجال لتخصيص برنامج ديني للطوائف المسيحية لا سيّما ونحن جميعاً نردّد القول المأثور "الدين لله والوطن للجميع".
الجواب: طبعاً في وسعنا افساح المجال لبرامج دينية في وسائل الإعلام الأردنية. انك تذكر (الحديث موجه لرئيس التحرير المرحوم الاب رؤوف النجار ) أنا كنا نذيع قبل حزيران 1967 صلاة الأحد من القدس باستمرار واعتقد أنه بوسعنا لا بل من واجبنا عمل ترتيب جديد مع وسائل الإعلام الأردنية الموجودة الآن في عمان لتكرار هذا الترتيب أو ما يشبهه وسيكون هذا في القريب العاجل، ان شاء الله. لأنّ مثل هذه البرامج توطد علاقتنا بالقدس وبالأماكن المقدّسة التي هي لنا وتخصّنا قبل أي انسان آخر. وما أقوله عن الإذاعة الأردنية ينطبق على التلفزيون الأردني أيضاً.
وسأله رئيس التحرير حول روح الاخاء والتقارب بين العالم الإسلامي والمسيحي، وذلك في القرار الذي اتخذه المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ، وفي النداءات المتكررة لقداسة البابا وتهانيه الخاصة بمناسبة عيد الفطر المبارك، فما هو تعليق دولتكم على هذا التقارب لننشره على صفحات مجلتنا التي تقوم بهذه الرسالة من المودة والإخاء بين المسلمين والمسيحيين؟
الجواب: هذا تقارب مبارك ونحن مليكا وحكومة وشعباً نكن احتراماً كبيراً وتقديراً عظيماً ومحبة لا مثيل لها لقداسة البابا (وقتها البابا بولس السادس الذي زار الاردن عام 1964) ، رسول السلام والتقارب والمحبة والإخاء بين جميع الشعوب على اختلاف أنواعها وألوانها، وهذا التقارب ضروري في رأيي بين المسيحية والاسلام لا سيما في هذه الأيام : لأن الاسلام والمسيحية هما هدف للعدوان الصهيوني، وبالتالي تقاربهم وتنسيق خطواتهم وعملهم المشترك في احترام بعضهم البعض وفي تعاونهم مع بعضهم البعض، هو شيء أساسي لبناء مجتمع صالح ومن ثم أمة صالحة أيضاً. وبالتالي يجب أن نعمل يداً واحدةً لقتال غزوة معادية تستهدفنا كلنا معاً وأن نتقارب من كافة النواحي دينياً واجتماعياً وانسانياً فنعيش أخوة يعملون لصالح واحد.
وكان للإعلام شأن في الحديث ، فسأله الاب رؤوف ، رحمه الله ، هل تعتقدون بأن اعلامنا الأردني يقوم بدوره الإعلامي بشكل سليم؟
الجواب: ان إعلامنا على العموم يقوم بجهد لا بأس به لا سيما فيما يتعلق بمقدساتنا. إنما الوضعية ان الإعلام هو انعكاس الجهد الحقيقي، تنقصه بعد خطوات أكثر حزما وأكثر جدية وأكثر اندفاعاً حتى تنعكس هذه الجدية والاندفاع على إعلامنا، فالأصل هو العمل والعمل في نواح مهمة وحساسة تحتاج إلى بذل جهود جبارة وإلى انتباه كبير.
لذا لدي مخطط جديد لوزارة الإعلام سيوضع هذا المخطط موضع التنفيذ في مدة قريبة لنكون أمناء تجاه وطننا لا سيما تجاه قضية العرب الأولى ألا وهي قضية تحرير أراضينا المحتلة وإعادة اللاجئين إلى ديارهم وبيوتهم.
انتهت المقابلة حينها بهذا السؤال الاخير ، الا انّ ما قاله رئيس الوزراء الذي كان وقتها " مشروع شهيد" ، يبين ان الاردن حالة مميزة ، وقد كان على الدوام منارة في التآلف والتعاضد بين مختلف السكان، وهو ما زال مستمرا في تطبيق ما نص عليه الدستور من مساواة تامة في الحقوق والواجبات ، وكذلك في النهوض بالمسيرة الاعلامية لتكون خادمة للشركة والحقيقة وتعزيز قيم المواطنة، ومنها بالضرورة ان تخدم الوئام الديني وما اسماه التقارب الاسلامي المسيحي.
رحم الله وصفي... وجعلنا نحافظ على العيش المشترك والوحدة الوطنية .
Abouna.org@gmail.com