من حلموا بخداع الله والقيصر معا انتهوا الى مصائر تتزاوج فيها المأساة مع الملهاة، وفقدوا المشيتين، لأنهم جهلوا او تجاهلوا ان الانسان لا يستطيع المشي اذا وضع قدما في السماء واخرى على الأرض، وان خداع الذات لا يعني خداع الاخرين، لهذا فالفارق بين امبراطور وبين مجنون يقلده ويرصع صدره بأغطية الزجاجات وما يلتقطه عن الرصيف ثم يؤدي التحية لنفسه امام المرايا هو ان الامبراطور يجد من يشاركه هذا الاعتقاد ويعترف به ويبدو ان سوء التفاهم بين البشر احد اسبابه ما يفكرون به سرا بينهم وبين انفسهم، اذ نادرا ما نجد من يستحق الرحمة لمعرفته قدر ذاته، خصوصا في ايامنا التي اصبحت فيها التكنولوجيا خدمة للاوهام .
لكن شتان بين من يكتب رسائل لنفسه بتواقيع وهمية لكائنات غير موجودة على هذا الكوكب وبين من يتلقى رسائل من بشر من لحم ودم ووعي وذاكرة !
ومن حق اي فرد ان يضع نفسه في المكان الذي يعجبه لكن ليس من حقه ان يطالب الاخرين بقبول ذلك، فالامور ليست نسبية الى هذا الحدّ، والسوفسطائيون لم يحكموا العالم بعد بحيث يصبح الفرد كما يقول فيلسوفهم بروتوغراس مقياس الصواب والخطأ والحق والباطل.
وعلى سبيل المثال فان من خدعوا انفسهم واعتقدوا بأنهم خالدون في مختلف العصور، شملهم التاريخ بممحاته القاسية، ولا ادري كم من هؤلاء تطاول على سقراط في زمانه وعلى المتنبي في عصره وعلى هيجل وسائر السلالة ؟
انهم مجهولو الاسماء والقبور ايضا وعبروا هذا الكوكب كأي كائن ارتهن لشروطه العضوية ولم تكن المسافة بين مهده ولحده غير متر واحد !! ولا ندري الى متى سيستمر سوء التفاهم هذا بين البشر؟ خصوصا في غياب ثقافة مشحونة ببعد اخلاقي وفي غياب الحقائق التي حلّت مكانها سيناريوهات ملفقة من الخداع والكذب والتزوير!
ولم يحدث من قبل ان وجد العلم من يلوي عنقه ليعترف بما لم يقترف، لكنه الان يوظف لخدمة الجنون والخرافة والنرجسية العمياء!
الدستور