لماذا نحتفل بالمولد النبوي الشريف؟
د.خالد الملكاوي
27-11-2017 02:48 PM
أيام قليلة وتطل علينا مناسبة غالية على قلوب المسلمين وهي مناسبة المولد النبوي الشريف ففي الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام تتجدد هذه الذكرى فتثور في نفوس المحبين مشاعر الشوق والحنين إلى من بعثه الله رحمة للعالمين وتتوقد المشاعر مستذكرين صاحب الذكرى وأخبار ولادته وأخبار يتمه ثم كفالة جده وعمه له وصولا إلى مبدأ أمره عندما كان يتعبد في غار حراء حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بأول خمس آيات من سورة العلق.
إنه مولد ميمون وسيرة عطرة كيف لا وهي سيرة خير من وطأ الثرى، الذي أثنى عليه ربنا عز وجل في القرءان الكريم فقال "وإنك لعلى خلق عظيم" فالمتتبع لأوصاف سيدنا محمد الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ تَعْظُمُ في نفسه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فتكون هذه المحبة دافعا لتتبع أخلاقه الشريفة والتأسي به وكلما ازداد المتَّبع لسيدنا محمد تمسكا بالأخلاق المحمدية فإنه يصل إلى المقامات العالية في طاعة الله عز وجل فنحن بأَمَسِّ الحاجة أن نستذكر سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في كل أيامنا وبأداء ما بلغنا به من فرائض الدين واجتناب المحرمات وأداء السنن والإكثار من الصلاة والسلام عليه.
والاحتفال بمولده الشريف فيه لترسيخ هذه القيم في الأجيال فها نحن بفضل الله في هذا البلد الطيب نهتم بإظهار هذه المناسبة والاحتفال بها على الصعيدين الرسمي والشعبي وإنها لجهود طيبة مباركة لا سيما ما فعلته دائرة الإفتاء العام بتوضيح ما التبس على كثير من الناس في ما يخص الاحتفال بهذه المناسبة وذلك بإصدارها فتوى عام 2012 تبين استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وبالتالي قطعت الطريق على من ينكر ويشنع على المسلمين احتفالهم بهذه المناسبة فقد صار شائعا في هذه الأيام حينما تقترب هذه الذكرى أن يقوم بعض الناس بإرسال رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتس آب تتضمن التحريم والتبديع لمن يحتفل بالمولد النبوي الشريف.
والسؤال الذي نطرحه هل عصى الله تعالى من قرأ القرءان ومدح الرسول ووزع الطعام والحلوى وأطعم الفقراء لله تعالى فرحا بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ أليس كل ما ذكرنا يندرج تحت الأعمال التي استحسنها وحض عليها شرعنا الشريف فلو قيل الاحتفال بمولد الرسول بحد ذاته ممنوع لكون الرسول لم يحتفل به نقول لهم إذا حرمتم الاحتفال بالمولد لهذه الحيثية فنقول إن المسلمين من عصر الصحابة حتى أيامنا هذه يفعلون أشياء النبي ما فعلها وهي مستحسنة في دين الله ومن ذلك أنهم يصلون التراويح جماعة وهذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه بل كانوا يصلون التراويح فرادى والذي سن هذه السنة الحسنة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع المصلين في التراويح على قارئ واحد، كذلك نقط المصحف وتشكيله فعله بعض التابعين وبناء المحاريب والمآذن حدث بعد المائة الأولى من الهجرة ولو تتبعنا هذا الأمر لوجدنا أمثلة كثيرة كذلك الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حدث في القرن السابع الهجري واستحسنه العلماء وألف بعضهم في استحسانه منهم الحافظ ابن دحية والحافظ السيوطي وغيرهم لأنهم فهموا أن المولد يندرج تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" فالقول الفصل الذي قاله علماء أهل السنة والجماعة منذ أكثر من ستمائة سنة ودرج عليه أهل التوسط والاعتدال إلى يومنا هذا أن الاحتفال بالمولد لا يتعارض مع قواعد الشريعة بل فيه تقرب إلى الله بمحبة رسوله وإظهار فضله وعلو شأنه ومقامه وفيه تعليق قلوب المسلمين بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيا معشر المسلمين احتفلوا بمولد رسول الله وأدخلوا الفرح والبهجة والسرور على قلوب أهلكم وأولادكم وعلموهم التعلق بمحبة رسول الله وتصدقوا على الفقراء في هذا اليوم طلبا للأجر والثواب من الله تجدوا الخير الكثير بإذن الله.