لستُ مغرمة بقوائم تصنيف الدول أو البنوك أو الشعوب، أو سيدات الأعمال أو درجات الحرية والانفتاح والديمقراطية، وغيرها من القوائم العربية أو الدولية التي يزعمون أنها تقيس وتقارن درجات الأداء. لي في هذه اللعبة الإعلامية رأيٌ لا يسرّ الذين يبحثون عنها أو يعتمدونها في إصدار الأحكام والتعميمات.
ومع ذلك فإنني أجد فيها أحياناً سبباً للتفكّه والفضفضة على الواتس آب.
آخر قوائم التصنيف التي سمعتها على الفضائيات هي التي قاس فيها عالمان بريطاني وفنلندي درجة ذكاء الشعوب العربية!!!لا يقول الخبر كيف قاسوا ذكاء هذه الأمة من المشارق إلى المغارب ،وكم أستغرقهم الموضوع حتى يستكملوا دراستهم ميدانياً، لأنه يصعب قياس ذكاء شخص ما على التلفون بدون أن تنظر في وجهه وحركاته.
نتائج الدراسة ،التي لم يُبلغونا لماذا مثلاً استثنوا منها مصر وسوريا وعدة دول عربية أخرى، تقول التالي: أذكى الشعوب العربية هو العراقي، يليه الكويتي ثم اليمني، ويأتي الشعب الأردني في المرتبة الرابعة. يليه المغربي ثم السعودي والإماراتي ثم الجزائري والبحريني ثم الليبي.
صدقاً، أثار التقرير حشرية التمعن التي تكون في العادة مرفقة لدى الشخص بأسئلة كثيرة، يمكن أن يُفصح عن بعضها لكنهُ يفضل كتم معظمها منعاً لوجع الرأس. فنحن العرب لا نبلع بسهولة كلام من يُقارن بين شعب وآخر، مهما كان أساس المقارنة. نرى في ذلك شبهات إساءة، متعمدة أو عفوية، ونسارع إلى تجيير الأرقام سياسياً واتهامها... إن لم تكن على هوانا.
ولذلك وحتى لا أدخل في حساسيات التساؤل لماذا جئنا في الأردن بالمرتبة الرابعة على من سبقونا ومن سبقناهم، فإنني اكتفيتُ بيني وبين نفسي لأسألها عن تقييمها لدرجة ذكائنا (بالإجمالي) في معالجة قضايانا، وتحديداً الأخيرة التي نسمعها كل يوم.
سألتُ نفسي عن القضية الأكبر التي ما زال المعلقون الصحفيون يتناوبون عليها منذ شهرين أو ثلاثة وهي أن متغيرات المنطقة أفقدت الأردن دوره. وكان سؤالي لنفسي، بالتحديد عن درجة ذكائنا، كشعب، في مواجهة ومعالجة هذه القضية، سواء كانت صحيحة أو وهمية.
كذلك سألتُ نفسي عن مستوى ذكائنا (ونحن في المرتبة الرابعة عربياً) في معالجة الأزمة الاقتصادية والضائقة المعاشية وفي دعوات الاعتماد على الذات.
وللأمانة، فإنني لم استطع الحصول على جواب. أولا لأنني أعرف أن قياس الذكاء له معايير عالمية يسمونها (أي كيو) وأنا لا أجيد استخدامها. وثانياً لأن المشاكل والقضايا التي سألتُ نفسي عن مدى ذكائنا في معالجتها، هي مشاكل وقضايا قديمة مستعصية، أذكر أننا في مجلس النواب قبل ثماني سنوات مررنا عليها وتركناها لمن يأتون بعدنا.
إذا كان قياس درجة ذكائنا، كشعب، في معالجة قضايا شديدة الإلحاح مثل قضية الاعتماد على الذات، مسألة صعبة إلى هذه الدرجة، فقد يكون "أريح للرأس" أن نسأل عن مدى ذكائنا في مسائل أصغر وأسهل... مثل اختناق الشوارع مع أول شتوية، أو مثل تصدير زيت الزيتون أو تنظيم تدخين الأرجيلة في المقاهي. فرابع أذكى الشعوب العربية يفترض ألا يتأخر كثيرا في الاجابة.
الان ... كيف ترون قيادتي في موضوع الذكاء الشعبي؟ الاتصال رجاء على هاتف 0999000.