بدأت صباحي أمس غاضبا جدا لسبب يخصّ العمل. كنت اقود سيارتي غير راغب في الوصول الى أي مكان. على الرصيف من حين لآخر كان ثمّة أناس يحملون أكياسا حمراء، هدايا أنيقة، ورودا جورية، دباديب حمراء وبيضاء، بالونات على شكل قلب، انه عيد الحبّ.
شيئا فشيئا أخذني شرود فلسفي بالنظر للمفارقة بين ما أنا فيه والجو المحيط، وفكرت بمداراة غضبي أو ركنه في طرف قصيّ من القلب الذي يجب فتحه للمشاعر الطيبة في هذا اليوم المشمس الجميل، وفكرت بأن لا آخذ الأمور كثيرا على محمل الجدّ ( هل نستطيع ذلك ؟) وأن أترك المشاعر الايجابية والرضى يتغلبان. هناك كثير من الكتب تتحدث بهذه الحكمة، أليس كذلك ؟! لكنني في العادة أمرّ عليها بفضول طفيف للغاية بما في ذلك بعض كتب الـ "بيست سيلرز" الأميركية فلا يعجبني تعلم كيف تكون الحياة وهو تخصص أميركي في الغالب. مع ذلك تأثرت بالمناخ المحيط وعبارت حول الفلنتاين مع صبايا وزملاء اثناء دخول المكتب، والتفكير في الهدية للمدام، حتّى انني فكرت في كتابة هذا المقال وكنت أعتقد أنني لن أكتب شيئا.
طبعا عيد العشاق أو الـ"سان فالنتين" هو عيد مستورد لكن معظم الأعياد باستثناء المناسبات الدينية والوطنية هي مستوردة ابتداء بعيد العمال العالمي وهو يوم عطلة رسمية. على كل حال هذا اليوم 14 شباط بدأ يتكرّس الاحتفال به في كل مكان في العالم تقريبا خصوصا بين فئات الشباب، والحق انها لبهجة وجود عيد خاص بالحب وسط فيض من الورود الجورية الحمراء. والسوق بالطبع يبحث عن كل مناسبة لفرض تقاليد اجبارية للاستهلاك.
وفوجئت أمس بمعلومة عن غزّة كرابع بلد مصدر للورود لأوروبا لكن الموسم تلقى ضربة قاسية بسبب الحرب والحصار، وقد أمكن أول من امس تحت ضغوط اوروبية تصدير جزء يسير من الانتاج، وحسب ما صرح المصدر للـ "بي بي سي" فأهل غزّة يصدّرون الورود لكسب العيش ولا يستهلكونها حتّى في "الفلنتاين" اذ ما يزال عليهم تأمين رغيف الخبز أولا.
في عمّان كانت المظاهر الاحتفالية معتدلة وتشمل خصوصا غرب عمّان، أمّا الرماثنة فاحتجّوا على هذه العيد "المستورد" بطلي حمار باللون الأحمر وقد نقل موقع "عمّون" الخبر وصورة الحمار بلونه الزاهي، وتبقى هذه طريقة احتفالية طريفة للتعبير عن وجهة نظر، لكن في السعودية يودَع العشاق السجن يوم الفالنتين حسب تقرير موقع "ايلاف" الذي قال إن رجال الأمر بالمعروف كانوا يترصدون أمس كل من يتعامل مع اللون الأحمر فيقبضون عليه ويودع السجن. وقد قرأت تعليقات ترغي وتزبد بسبب بدعة العيد هذه "فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" وغيرها يحاجج بالمنطق ان من السخف تخصيص يوم للحب فالحب هو لكل الأيام. طيب، جعل الله كل ايامكم حبا وسلاما.
jamil.nimri@alghad.jo