من بين أهم المؤشرات التي تقيس الخلل في الاقتصاد الأردني نذكر الميزان التجاري ، الذي يقارن المستوردات بالصادرات ، فيخرج بنتائج مثيرة وغير قابلة للاستمرار.
تشير أرقام الشهور الثمانية الاولى من هذه السنة إلى أن عجز الميزان التجاري أي زيادة المستوردات عن مجمل الصادرات وإعادة التصدير بلغ 6082 مليون دينار ، تعادل حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي. وهي من أعلى النسب في العالم.
من ناحية أخرى فإن تغطية المستوردات من حصيلة الصادرات وإعادة التصدير لا تزيد كثيراً عن 2ر36 %مقابل 3ر39 %في نفس المدة من السنة السابقة أي أن الميزان التجاري يسير بالاتجاه المعاكس.
إلى اي مدى يستطيع الأردنيون أن يستوردوا من المواد الاجنبية ثلاثة أمثال ما يصدرونه إلى الخارج؟.
صحيح أن هناك معطيات تفسر هذه الظاهرة ، ولكنها لا تبررها ، ذلك أن الأردن يتلقى منحاً خارجية بالعملات الأجنبية ، كما أن المغتربين الأردنيين في الخارج يحوّلون إلى البلد مبالغ كبيرة بالدولار ، مما يسمح للبنك المركزي بأن يزود البنوك التجارية بما يلزمها من العملات الأجنبية لتمويل المستوردات.
هذه المصادر ليست ذات طبيعة دائمة ، ولا يعتمد عليها ، كما أنها معرضة
إذا لم يكن هذا كافياً فإن الحكومة تعتمد على الاقتراض ، وخاصة بالعملات الأجنبية ، وهو أيضاً مصدر غير مضمون ويأتي مع مجموعة من المخاطر.
برنامج الإصلاح الاقتصادي جاء ليخفف وقع هذه العوامل السلبية ، وفي الحد الأدنى منعها من التفاقم.
الاقتصاد الأردني اقتصاد حر على أمل أن عوامل السوق تضمن التوازن وتعدّل الانحرافات ، وهو منفتح على العالم ، وليس من الحكمة التخلي عن هذه المزايا التي لا يستطيع أحد إنكارها بحجة ضبط المستوردات.
تكتمل الصورة عندما نقرأ نتائج الميزان التجاري للأردن مع الاتحادات التجارية التي نتعامل معها لنجد أن الأردن يحقق عجزاً في الميزان التجاري مع جميع هذه الاتحادات لدرجة يجب أن تثير الانتباه.
خذ مثلاً التبادل التجاري بين الأردن والاتحاد الأوروبي ، لنجد أنه يصدر لنا 26 ضعف ما يستورده منا ، ومع ذلك نعفي المستوردات من أوروبا من الجمارك ، وفي المقابل يفرض علينا الاتحاد الأوروبي قواعد منشأ تحول دون وصولنا إلى السوق الأوروبي. وضع شاذ وغير قابل للاستمرار.
الراي