لقد ارتبط حزب الله بعلاقات جيدة مع النظام السوري منذ تأسيس هذا الحزب في عام ١٩٨٢ وعندما كانت القوات السورية متواجدة في لبنان وكان النظام السوري هو صاحب الكلمة الاولى في لبنان وذلك بحجة إنهما ينتميان الى محور الممانعة والذي يضم الى جوارهما كلٍ من إيران وحركة حماس. ولكن كانت هنالك أسباب أخرى وراء هذا الموقف بعضها يرجع الى أسباب مذهبية وبعضها لأسباب سياسية وعسكرية. فالنظام في سورية وان لم يكن قد رفع اليافطة المذهبية فوق رأسه حتى ذلك الحين، لكن مما لا شك فيه ان علاقته مع إيران ومع حزب الله ليست ببعيده عن هذا المجال. كما ان النظام السوري كان يبحث عن أنصار ومؤيدين له من الداخل اللبناني وبنفس الوقت كان حزب الله بحاجه للنظام في سورية لتسهيل وصول الإمدادات الإيرانية له من خلال الاراضي السورية بعد نقلها الى دمشق عن طريق الجو. كما كان بحاجه لمناصره هذا النظام له ليقوي نفوذه داخل لبنان كونه هو صاحب السلطة العليا فيه. ولهذا ربطت علاقات استراتيجية وأيديلوجية بين الطرفين الى درجه لم تمنع حسن نصرالله وفي خطاب له في ميدان رياض الصلح في شهر آذار من عام ٢٠٠٥ من ان يعلن انحيازه للنظام السوري والدفاع عنه في الوقت الذي لم تكن قد مضت الا أسابيع قليله على اغتيال رفيق الحريري والذي كانت أصابع آلاتهم موجهه له بأنه يقف خلف عمليه الاغتيال قبل ان توجه المحكمة الدولية هذا الاتهام للحليفين معاً حزب الله والنظام السوري وفِي الوقت الذي كانت المشاعر المناهضة للنظام السوري في أوجها لدى غالبيه اللبنانيين .
وقد انعكست هذه العلاقة بين الطرفين على اتفاقية الطائف التي عقدت برعاية سورية سعودية حيث كان من ضمن بنودها حل جميع المليشيات في لبنان سواء لبنانيه أو غيرها ونزع سلاحها واستثني من ذلك حزب الله .
لذا ما ان انطلقت احداث الاحتجاجات الشعبية في سورية المناهضة للنظام في عام ٢٠١١ والتي عرفت في البداية بالربيع العربي في سورية ثم تحولت الى حرب داخليه في ما بين النظام وانصاره والمعارضة وانصارها حتى أعلن حزب الله اللبناني انحيازه للنظام ووقوفه الى جواره ثم تدخله المباشر في القتال الدائر هناك الى جوار النظام وكانت حجته في البداية الدفاع عن مقام السيدة زينب من التعرض للهجوم ثم تبين حقيقة التدخل وهي مساندة النظام في معاركه ضد المعارضة بالاشتراك مع تنظيمات الحشد الشيعي العراقي وفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني والمتطوعين الإيرانيين . وقد شاركت قوات حزب الله بالقتال الى جانب النظام بكل معاركه وفِي كل أنحاء سورية وخاصه اعتباراً منذ عام ٢٠١٣ وحتى الآن.
هذا وبالرغم من انشغال حزب الله في القتال الى جانب النظام السوري فهو لم ينسَ تعزيز سلطته وسيطرته على الدولة اللبنانية وذلك من خلال علاقته بتحالف الثامن من آذار . كما ان انشغال النظام في سورية بالأحداث الداخلية لم يشغله عن تعزيز سيطرته وتدخله بالشأن اللبناني وكان ذلك عن طريق حزب الله باعتباره يملك أكبر قوه مسلحة في لبنان واقوى من الجيش اللبناني وعن طريق تحالف الثامن من آذار وعلى رأسه ميشال عون رئيس تكتل التغيير والإصلاح والعدو الاول السابق لسورية قبل ان يعود ويتحالف معها. حيث انه وبعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في الخامس والعشرين من شهر أيار عام ٢٠١٤ قام تحالف الثامن من آذار بطرح اسم ميشال عون لرآسة الجمهورية فيما طرح تحالف الرابع عشر من آذار اسم سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية لهذا المنصب. وبسبب تمسك كل طرف بموقفه وبسبب تغيب نواب الثامن من آذار عن جلسات التصويت لانتخاب الرئيس فقد بقي هذا المنصب شاغراً حتى تاريخ الحادي والثلاثين من أكتوبر عام ٢٠١٦ حيث تم انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية على ان يقوم سعد للحريري بتشكيل الحكومة بناءً على تفاهم مع السعودية لظروف تتعلق في الأوضاع السورية اللبنانية الداخلية وللظروف الدولية وعلى ان يتولى جبران بأسيل زوج ابنه ميشال عون والرئيس الحالي لحزب التيار الوطني الحر بعد ميشال عون وزاره الخارجية والذي كان استلامه لهذا المنصب سابقاً يعتبر من المحرمات لدى قوى الرابع عشر من آذار مقابل اصرار من قوى الثامن من آذار على ذلك .
و لابد قبل ان نختم حديثنا عن سيطرة حزب الله على لبنان وارتباط ذلك بالنظام في طهران وولاية الفقيه من التعرض لما قام به حزب الله من تجاوز للدولة اللبنانية في التعاطي مع تنظيمي النصرة وداعش اللذان كانا قد استوليا على ارض لبنانيه في منطقة عرسال وجرود عرسال وقاموا بقتل عدد من الجنود اللبنانيين وأسر آخرين ( تبين فيما بعد انهم كانوا قد تم قتلهم ). حيث لم يقم هذا الحزب الذي يملك عشرات الآلاف من المقاتلين في لبنان بأي محاوله لطرد التنظيمين من هذه المناطق وتحرير الجنود الأسرى بالرغم من ادعائه انه يقاتلهما الى جوار النظام بسورية الا بعد ان قررت الحكومة اللبنانية طرد التنظيمين من أراضيها حيث سارع الى عقد اتفاقات معهما على انسحابهما الى داخل الاراضي السورية حيث ذهب أعضاء تنظيم النصرة مع أفراد عائلاتهم الى أدلب، وأعضاء تنظيم داعش الى منطقة دير الزور وبحماية القوات النظامية السورية وبتنسيق مع القوات الأمريكية والروسية. لا بل ان بعض أعضاء تنظيم داعش انضموا للقتال الى جانب القوات السورية، وهذا دليل آخر على ان هاذين التنظيمين هما صناعة إيرانية أمريكية تركية عربية سورية ومباركة روسية ليقوم كل طرف بتحقيق مصالحه الخاصة من خلال استخدام فزاعة الاٍرهاب.
وأخيراً لا بد من ان اذكر ما قاله حسن نصرالله اليوم ( اتوجه الى الشعب الإيراني ومراجعنا في قم بخالص العزاء في ضحايا الزلازل الأخيرة في ايران ) والتي ان دلت هذه الحملة الى شيء فهي تدل ان لبنان من وجهه نظر هذا الحزب هو ولاية تابعه لولاية الفقيه في ايران .