ماذا فعلت يا أحمد في اليونان؟ لماذا انسحبت من نهائي البطولة التي أقيمت هناك قبل أيام عدة؟ ما كان مغزى رسالتك؟ ولمن؟ ما هي اللغة التي استخدمتها في رسم حروف كلمات تلك الرسالة ونقش معانيها؟
كيف كان شعور العلم الأردني وهو يرتفع في سماء اليونان مرتين؟ مرة لأن طرفي النهائي كانا أردنيين، ومرة لأنك انسحبت من النهائي انسحاب العظماء الكبار كي تزيد من غلة زميلك العذاربة من النقاط حتى تزداد فرصته في التأهل إلى الألعاب الأولمبية المقبلة!
دغدغت قلبي يا أحمد! لمست روحي يا أحمد! دبت القشعريرة في كياني والفخر بك كنشمي يسمو بي في سماء الكبرياء والخيلاء! وانهمرت الدموع من عيني وأنا أقرأ خبر انسحابك المشرف لأجل الوطن! لأجل الأردن!
أيقظتَ سقراط من رقاده وقلتَ له: هذا هو "الخير" يا سقراط! وقضضتَ مضجع افلاطون تحت التراب وقلتَ له: هذه هي "المثالية" يا أفلاطون!
وانحنى لك جبل الأوليمب يا أحمد! وتراقصت أمواج بحر إيجة على وقع إيثارك الجليل!
قال الملك: ارفع رأسك ... أنت أردني! وها أنت كنت قد جسدت مقولته أروع تمثال على أرض الحضارة الإغريقية بروحك الرياضية الخلاقة!
رفعتَ رأسي عاليا عاليا بخلقك النبيل وأصلك الأصيل!
رسمتَ للوطن لوحة شرف بكل ألوان العزة والإباء وعلقتها في أعناق كل آلهة اليونان!
تركت للعالم هناك في اليونان مهد الفلسفة إرثا من الفلسفة الأردنية في الأخلاق والمثل!
يا أحمد! طوبى للبطن الذي حملك! لقد ملكت القلوب وخلبت الألباب بفعلك الأخلاقي هذا!
وللذهب كل المجد أن يتقلد عنقك! وللتاريخ كل الفخر أن يتحدث عن سحر أخلاقك الرفيعة قبل سحر فنونك القتالية البديعة!
يا أحمد! قالوا: أبصر من زرقاء اليمامة! وأحكم من لقمان! ولأنك ضربت أروع مثل في الإيثار والتسامي على الذاتية والتسامق على الأنانية؛ فلا مناص لي من القول بكل فخر وإعتزاز: أَأثر من أحمد!