بقي ينظر إلى ملامحه وكأنه يراه للمرة الأولى، بينما انشغل الولد عن لهفة الوالد بتعبئة الأوراق المطلوبة بكثير من الحذر والتأني والخط المرتّب، وضع يحيى حاجزا حول أوراقه؛ باكيت المحارم، مكتّات، وسادة، والمكبس، حتى لا يقترب أي من عناصر الدار من الأوراق المطلوبة، أبو يحيى ينظر إلى انشغال ابنه في الكتابة واستعانته بترجمة جوجل الناطقة كلما لزم الأمر.. أخرج سيجارة «جلواز» فرك عنقها بإصبعيه أفرغ بعض التبغ منها ثم أشعلها.. الصمت كان يسود الغرفة، أم يحيى تضع يدها على خدّها، و باقي الأولاد يحترمون الصمت المفروض.. أخيراً نطقها أبو يحيى «وك هو يابا تطوّل بالك شوي»!!.. يعني كلها قاعدة مثلها مثلك.. ما وقفّتش عليك يا بيي..!! يعني نفرض إنها طلعت لك فيزا.. وسافرت.. «أني شو بده يصير بحالتي؟» نظر إلى عينيّ والده الغائمتين وهو يكبس ورقتي السيرة الذاتية..
يحيى: « يابا صار لي 5 سنين مخلص وقاعد بوجهك.. شو استفدت مني.. خليني أطلع اقرأ وأشتغل بلكي الله فتحها بعد ما سكّرت.. بعدها مباشرة خرج الكلام من فم أبي يحيى على شكل وجبات من دخان « ولك يابا.. فيش بعد بلاده للواحد.. كنت أروح عُمرة على مكّة ما أصدّق أميت أصل «المدوّرة» وأشوف العلم يرفرف يابا.. وك يابا مش قال الشاعر الزير: بلادي وان جارت عليّ عزيزة.. وأهلي وان ضنوا علي كرام».. يحيى: أولا يابا الزير مالهوش علاقة بالشعر ثانيا: الشاعر مين ما كان يكون.. ما قعدش زيي 5 سنين بلا شغل.. ثم عاد لكتابة طلب التأشيرة المعقّد..
أبو يحيى ثانية: وك يابا ع مهلك شوي مالك طاير بالكتابة..أني بقول من هون لنهاية السنة الا ما تفرج.. لم يعلّق يحيى على كلام والده.. ثم تابع أبو يحيى.. وك يابا فيش هناك مقدوس زي هون.. وتعاليل وشتوية.. وناولني هالفروة يابا.. وفيش هناك عوّامة وك يابا.. ولا لمّة هون ولا مداقرتي مع أمك.. وفيش هناك يوم الجمعة مقلوبة ع حمّص وتوكل قاع الطاسة وأنت تدور ع «الحكاكة» وفيش «النقشبندي» اللي كنت تحطه بعد صلاة الجمعة..كمان يابا أني إذا انقطعت من الدخان تالي الليل على مين بدي اتسلبط..وك تعوّدنا عليك يابا..
يحيى محاولاً صد كل الهجمات العاطفية، كل رأسمالها يومين ثلاث بتتعوّد يابا.. أبو يحيى «سبعك يابا».. صمت قليلاً ثم عاود لبوح بعاطفته.. أني بقول في فرص، بيقولوا بدهم يوظفوا 10 آلاف بداية السنة الا ما يطلع لك.. دورك 120 عاللواء الا ما يطلع لك.. افتحوا لنا على الأخبار بلكي طلعوا أشي، أني بقول في أمل.. كانت النشرة في منتصفها..
المذيع: وفي الجزائر قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الترشح للدورة الخامسة للانتخابات الرئاسية وسط غياب حقيقي لمنافسيه.. من جانب آخر رفض روبرت موغابي، رئيس زيمبابوي التنازل عن الحكم برغم وصوله سن الخامسة والتسعين عاماً.. ومحالات الحزب الحاكم لعزله الأسبوع الماضي..
يحيى: شايف يابا ليش بدي أهاجر!!.
أبو يحيى: وك يابا.. هظول مش هون.. واحد بالجزائر والثاني بزمبابوي..
يحيى: بكل وزارة ودائرة حكومية هون في بوتفليقة.. وموغابي.. وكلهم ابًّا عن جدّ..
أبو يحيى: هسع سؤال.. لا قدّمت اوراقك هظول رح يفيزوا لك؟
يحيى: والله يابا هاي الأوراق الأولية، اني وحظي يا بفيّزولي.. يا بـ...زولي..ع رأي سُمعة!
أبو يحيى: يعني بعدهم ما وافقوا..؟؟
يحيى: وينك و وين الموافقة؟؟
أبو يحيى: أي امشي انصرف.. لعاد من الصبح واني أتبكبك.. ومش أكيده سفرتك.. سوي النا ابريق شاي ثقيل يا حجّه.. حظّ الولد و عارفه أبّاً عن جدّ..
الراي