المجلس الصحي العالي .. والقرار الخاطئ
عمر أبو زيتون
22-11-2017 05:10 PM
المجلس الصحي العالي مؤسسة وطنية تعمل على رسم السياسات الصحية في الأردن ويرأسه وزير الصحة بعد أن كان يرأسه سابقا رئيس الوزراء ويضم في عضويته وزراء المالية والتخطيط والعمل والتنمية الاجتماعية والتعليم العالي ومدير عام الخدمات الطبية الملكية ونقباء النقابات الصحية ورئيس جمعية المستشفيات الخاصة وعمداء الكليات الطبية والصحية في الجامعات الحكومية ومدراء المستشفيات الجامعية.
وفي كثير من دول العالم يرأس المجلس الصحي فيها شخصية من رأس الهرم، كما قامت بعض الدول العربية باقتباس تجربة المجلس الصحي العالي في الأردن وتطبيقها، وفي كثير من الدول يعتبر المجلس الصحي العالي هو المظلة الأساسية للقطاع الصحي وتتبع له كافة القطاعات الصحية .
إن قرار رئاسة الوزراء في الأردن بإلغاء استقلالية المجلس الصحي العالي واتباعه لوزارة الصحة مباشرة كإحدى مديرياتها واجهزتها قرار غير صائب ومخالف للتوجهات الملكية، حيث أن لجلالة الملك رؤية داعمة في وجود المجلس الصحي العالي وقد طالب بدعم وتفعيل دور المجلس من خلال كتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة وردود تلك الحكومات على هذه الكتب، وجاء واضحا في البيانات الوزارية الموجهة لمجلس النواب لنيل الثقة .
وإذا كان تعليل رئاسة الوزراء بأن إلغاء استقلالية المجلس الصحي العالي المالية والإدارية جاء لضبط النفقات فهذا تعليل مرجوح لأن موازنة المجلس الصحي العالي من الحكومة لعام 2018 ستكون خالية من أي دعم وهي عبارة عن إيرادات ذاتية متمثلة بالمساهمات التي تدفع له من الجامعات الحكومية والخاصة التي توجد فيها كليات صحية ( طب ، طب أسنان ، صيدلة ، تمريض ، مختبرات وعلوم طبية مساندة ) وكذلك من المستشفيات الخاصة ، لذلك لن تتأثر موازنة الدولة بوجود المجلس بل ستستفيد من خلال تحصيل هذه المبالغ والمساهمات خاصة وأن مجلس الوزراء أصدر قرارا بتحصيلها واعتبارها أموالا أميرية حسب ما جاء في آخر تعديل للقانون رقم 13 لسنة 2017 والذي نشر في الجريدة الرسمية مؤخرا وقد بدأ المجلس فعليا بتحصيل هذه المبالغ . وهذا يعني أن إلغاء المجلس الصحي العالي سيتسبب بخسارة للدولة بما لا يقل عن سبعمائة ألف دينار أردني سنويا ، وهذا يتناقض مع ما ورد في قرار لمجلس الوزراء بإلغاء استقلالية المجلس ماليا وإداريا .
نأمل من مجلس الوزراء ووزير الصحة كونه يرأس المجلس ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان إعادة النظر بهذا القرار الخاطئ لما فيه من اضرار بالمصلحة العامة التي تتعلق بصحة الانسان الاردني الذي هو اغلى ما نملك، مشيرين الى ان الذين تولوا مسؤولية الامانة العامة للمجلس عبر السنوات الماضية امثال المرحوم د. عدنان عباس و د. أنور بطيحة و د. طاهر أبو السمن و د. يوسف النعيمات و د. هاني الكردي وحالياً د. محمد رسول الطراونة هم جميعاً من المشهود لهم بالكفاءة العلمية والدراية التامة بالقطاع الصحي ورسم السياسات الصحية والتخطيط الصحي وقد عملوا جل جهدهم وقدموا خبراتهم للنهوض بالقطاع الصحي في هذا الوطن المعطاء.
كلنا امل بإعادة النظر في هذا القرار المجحف وبالسرعة الممكنة.