هل كان الحريري بحاجة لإعلان الاستقالة من الرياض أم أجبر عليها؟ وهل مطلوب منه الآن الاستمرار في هذه المحنة التي وضع بها والرهونات التي أجبر على دفعها لإكمال مسرحية لعبة التجاذبات السياسية التي تقودها ايران والسعودية، وهل لبنان اصبح مسرحا لهذه التجاذبات ، بغض النظر عن نتائجها وويلاتها على المجتمع اللبناني ومصيره . وهل وراء الأكمة ما وراءها؟ ! فالإسرائيليون يسارعون بالنفي حول تجهيزاتهم وحراكهم على الحدود اللبنانية ، والذي نبهت اليه قيادة الجيش اللبناني والذي يشير إلى وجود نوايا غير سلمية ولا سليمة تجاه لبنان ؟ في الوقت الذي تنقاد الجامعة العربية لقرار و تجير قراراتها نحو التصعيد بحق دولة عربية مسالمة ؟ ، بدل تنشيط جهود هذه الجامعة للتعامل السلمي الحواري لمعالجة كل الانحرافات وإعادة النصاب القانوني الدستوري السليم لكل التحديات التي تحدث عنها سعد الحريري في خطاب الاستقالة باعتباره شأنا لبنانيا خالصا. ولا يجوز من أي دولة عربية أن تعرض سيادتها وقدرتها على رسم خارطة المنطقة ، . فمن لا يملك قرار نفسه يجب عليه أن لا يجهر بالعنترية الفارغة التي أوصلتنا كأمة إلى ما نحن عليه . حزب الله والحكومة اللبنانية ورئاسة الجمهورية والأحزاب والقوى السياسية في لبنان كافة تتحمل المسؤولية الآن في حماية حاضر ومستقبل لبنان ، ولا بد من صيغة توافق يخرج لبنان من عنق الزجاجة ، ويفوت على المؤامرة الكبرى فرصة العصف بالمنطقة من جديد؟
ما يهمني كعربي هو مستقبل هذه الأمة التي تمزقت وتشردت وأنهكت وتعرت بأدينا أنفسنا كوكلاء عن المخططين في واشنطن وموسكو وبركسل ، ما يهمني هو الحفاظ على ما تبقى لنا من كرامة وبصيص أمل نستطيع من خلالهما إضاءة شمعة توقد النار وتعم الدفء على هذه الأمة التي سلبت إرادتها ، فلبنان شعب عانا ويعاني ونحن ندرك حجم التربص الذي تحاول إسرائيل من خلاله استغلال أي فرصة للانقضاض على لبنان ، وها نحن اليوم نعطيها الشرعية لذلك؟؟!! رغم إدراكنا جميعا لعروبة لبنان وتاريخها العريق في الثقافة والفكر العربي والتي لا تقبل إلا أن تكون عربية من المهد إلى اللحد ، وهي الأقدر على تصويب أوضاعها بالحوار المتفتح والعقلية المتقدمة والحرية الحقيقية التي يتمتع بها مجتمع لبنان. وكان الأجدر بالجامعة العربية التي من المفروض أنها تمثلنا أن تعمل بجد وتهيء المناخات وتسعى لانتشال لبنان من تجاذبات الإقليم والحد من محاولات الهيمنة عليها أو على جزء منها ؛ بالعقل والتفاعل والحوار باعتبارها جزء اساس وحساس من الجسد العربي بعيدا عن وصاية أحد ، أو تهديد أحد عربيا كان أو غير عربي ، أو استغلال الظروف الاقتصادية للهيمنة على القرار اللبناني ، وهذا هو الذي دفع بالأردن وعلى لسان الملك بإعلان عن وقوف الأردن مع لبنان للخروج من هذه الأزمة بتوحيد الصف اللبناني والوصول لتوافق داخلي يفوت على كل من يحاول العبث بالساحة اللبنانية .
الجامعة العربية والعرب القادرون قصروا كثيرا مع معطيات الدول العربية وتحدياتها ، وانصرفوا يبعثرون التروليونات والمليار من ثروات الأمة ليحققوا مقولات ابتدعها الغرب ونصبوها فخا لينهبوا ثرواتنا ، وليمزقوا أجسادنا وأراضينا ولينثروا أشلاءنا باسم الإرهاب الذي صنعوه بأنفسهم وزرعوه في بلادنا ، وتناسوا إسرائيل زعيمة الإرهاب الدولي و وليدة عصابات: البالماخ و الهاغانا والأرجون. !!!؟؟ ، ولا أكذب أحدا أنهم منحوا إيران الضوء الأخضر كما منحوا صدام حسين قبيل دخول الكويت ، ليحققوا من ذلك نظرية الحرب بالوكالة التي تنتهجها امريكيا وتسخر الدول والشعب لتحارب نيابة عنها ؟ فهل أصبحت غيران هي البعبع الذي يطلقونه كلما ارادوا الابتزاز ، وهل يستركون إيران بعد انتهاء دورها ، وإسرائيل لا تريد منازعا لها في المنطقة . ؟
ما علينا كعرب إلا أن ننظر قليلا من حولنا إلى نتائج ما يحدث وما سيحدث ، لنجد أن هذه المشاهد من مسرحية لعبة الأمم قد أوشكت على أن تسدل ستائرها بدمار الدول العربية أو ما تبقى منها ، ونهب ثروات دول الخليج وتوريطها لعشرات السنين ، زرع الفتنة بين المسلمين لديمومة الصراع بين الطوائف ، تمزيق الأمة وتشريدها وإضعافها لتكون لقمة سهلة بيد الصهيونية التي أوجدت دولة إسرائيل التي تعمل بخطى ثابتة للسيطرة على المنطقة بما فيها الحجاز .زرع الشك في نفوس الشعوب والنفور من الدين وتفريغ العقلية العربية من مضمونها ، بتعزيز الغربة والضياع . تحقيق الحلم الإسرائيلي بدولة إسرائيل الكبرى . فهذه جولدمائير رئيسة وزراء إسرائيل عام 1967 تقول وعلى جبل المكبر و بنشوة المنتصر " إني اشتم رائحة أهلي في خيبر" ، وها نحن نحقق لجولدمائير وللصهيونية حلمهم على طبق من فضة . لماذا تراجعت المشاريع القومية وغيرها وغيرها ، وأصبحت الجامعة العربية لعبة دمى يسيرها من يستطيع الإنفاق عليها خاصة بعد أن ضعف دور مصر في الساحة السياسية، ودمر العراق بمشروعه القومي الثوري ، وسحقت سوريا ومشروعها للمقاومة ، وأبكمت أصوات ليبيا والجزائر والسودان وموريتانيا والتي جاءها الطوفان فأخمدت وانكفأت ؟؟!
القصة ليست في مشروع إيران ولا بموقف حزب الله، ولا بتمرد الحوثيون ولا في نوايا الاسد أو القذافي أو مبارك أو، أو. بل بالمخطط الذي شربنا مقلبه ونحن صاغرين ؟؟ . فحزب الله اولا وأخيرا لبناني الهوية ، وعناصره لبنانيون ، ولا يمكن إلا أن يكونوا لبنانيين وهذا أمر لبناني صرف تتعامل به الإدارة اللبنانية ، وتساندها ، والشكوى من سلوكه يجب أن يكون من خلال الإدارة اللبنانية التي يجب أن تتخذ القرار وتوضح موقفها وعندها لكل حادث حديث ، ،وهذا يعني أنه على الجامعة العربية والدول العربية احترام سيادة الدول العربية وخصوصيتها . يجب على العرب والمسلمين أن يتنبهوا للمخطط الصهيوني الذي نفذ منه أغلبه وجاء وقت الحصاد . فلا نضيع الفرصة وعلينا أن نعيد حساباتنا، وعلاقاتنا مع بعضنا ونرسم لأنفسنا خارطة طريق، توحد رؤانا وجهودنا ونفوت على الآخرين إدخالنا في متاهات هي بالأساس لإنهائنا.