عند التدقيق في بيان جامعة الدول العربية الأخير بشأن التدخل الإيراني في البلاد العربية تجد انك أمام ( إدانات واستنكارات ): فالبيان ( يدين) تدخل ايران في أقطار العرب (ويدين )الجماعات التابعة لها في لبنان والعراق واليمن والبحرين كما ( يندد) البيان باستمرار احتلال ايران لجزر الإمارات و(يدين) الصاروخ الذي تم إطلاقه على الرياض و(يحذر) البيان من خطورة القنوات الإعلامية التابعة لإيران وقد (طالب) البيان مجلس الأمن ( بحث ) التدخلات الإيرانية في المنطقة .
الشيء الوحيد الذي اختلفت لهجته هو ( تحميل ) حزب الله مسؤولية الأعمال التي يقوم بها .
هذا البيان بيان بائس اذا ما قورن بـ ( الفعل ) الإيراني على أرض الواقع . فإيران (تجند) و(تدفع) الأموال و(تستقطب) المواقف حتى أنها ابتلعت اليساريين بل والشيوعيين الذين لا يؤمنون بالدين ليتحولوا الى مدافعين عن نظام الملالي !! إيران (ترسل) السلاح وتبعث بالصواريخ وحجارة شطرنجها في المنطقة يعلنون على رؤوس الأشهاد أنهم يتلقون من الولي الفقيه !! (تملك) إيران شبكة اعلام تعمل ليل نهار ولها تابعون في الداخل والخارج من قنوات واقلام ومشاركين في الندوات السياسية . ايران ( تقاتل ) بالسلاح في العراق وسوريا واليمن ، و ( تقاتل ) بالمظاهرات والتحريض في البحرين .
إذن نحن أمام ( إدانات ) عربية
و( أفعال ) إيرانية ، ولهذا أقول ان بيان الجامعة العربية بيان بائس محزن لا يرقى إلى مستوى الحدث . ان المطلوب بيان أفعال لا بيان أقوال ، كان على الدول العربية أن تقوم بما يلي :
1. تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل وهو مبدأ دبلوماسي فكما تتدخل ايران في بلاد العرب علينا ان نتدخل في الشأن الإيراني الداخلي ، فالشعب الإيراني شعب طيب ومحترم ومظلوم ويحتاج إلى نصرة ودعم ولا أتحدث عن الأحوازيين العرب فقط بل أيضا" الكرد والبلوش والمعارضة الإيرانية البحتة التي تعلن أنها لا تؤمن بتدخل ايران في دول الجوار وتدعو إلى حسن الجوار فماذا يريد العرب غير ذلك ؟! يوم اغتال الاسلامبولي الرئيس السادات رفعت ايران صورة الاسلامبولي في وسط طهران وعلى رؤوس الأشهاد ولم تستح من مصر !! وتدخلت ايران في الجزائر والمغرب والسودان وتونس فلماذا يلف الحياء دول العرب ؟!
2. تقيم كل الدول العربية علاقات دبلوماسية مع نظام الملالي فهل تحترم ايران هذه العلاقات ؟ ايران تستفيد من فتح سفارات لها في بلاد العرب وتحول سفاراتها لمراكز تجنيد الراغبين بالمال او الراغبين بالاستضافة في المؤتمرات والسياحة بل والراغبين في التمذهب السياسي او الفعلي فهل تقوم سفارات العرب في طهران بذات الشيء ؟!
بالطبع لا ، وأنا اتكلم في هذا بحكم تجربتي الشخصية حيث لم تطلب منا دولنا أي شيء من هذا . إذن ما فائدة وجود علاقات دبلوماسية مع نظام الملالي ؟ لا تجارة ولا سياحة ولا تعليم ولا احترام بل شك وريبة وتآمر وتدخل من جانبهم وشكاوى من جانبنا!! هذه علاقة لا تأتي برأس المال فلم تستمر؟! ان قطع العلاقة مع نظام الملالي قد يشكل عامل ضغط كبير حيث ان إغلاق 22 سفارة إيرانية يعني إغلاق ملف كبير من التآمر على الوطن العربي وبالتالي موت الأطفال الذين ترضعهم إيران بصفتهم عملاء لنظام خارجي يحركهم كلما شاء.
كان على الدول العربية ان تغير لهجتها التي تعودنا عليها طيلة عقود من الاستنكار والشجب والتحول إلى الفعل لأن ما تقوم به ايران هي أفعال خارقة وحارقة ومدمرة ويكفي أن يقول اعلامهم : إننا نسيطر على اربع عواصم عربية فهل بعد هذا تبقى للبيانات الورقية أية قيمة ؟